الجمعة، 30 سبتمبر 2011

تحريات جديدة عن ثروات الشريف وسرور

تحريات جديدة عن ثروات الشريف وسرور
الشريف جمع ثروة اكثر من 50 مليون جنيه بمعزل عن ثروة أولاده .. وسرور استغل مناصبه

متابعة خالد أبو العز ـ محمد يوسف تهامي


توافقت تحريات الرقابة الادارية مع تحريات مباحث الأموال العامة حول تضخم ثروة صفوت الشريف وأولاده وانه يمتلك‏20‏ قصرا وشقة وفيللا في القاهرة والمدن المختلفة تتجاوز‏50‏ مليون جنيه‏.‏
الشريف و سرور داخل قفص الاتهام
الشريف و سرور داخل قفص الاتهام

وذكر صفوت في التحقيقات أن ذمته المالية مختلفة عن ذمة أولاده وكذلك تحريات جديدة للرقابة الادارية عن ثروة فتحي سرور والتي أكدت أنه استغل مناصبه الحساسة والمتعددة في الجامعة ثم في الوزارة ثم رئاسة مجلس الشعب.
وعن صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري وأمين عام الحزب الوطني السابق أكدت تحريات مباحث الأموال العامة الجديدة ما أكدته تحريات هيئة الرقابة الادارية حول امتلاكه واولاده20 قصرا وشقة وفيللا في القاهرة والمدن المختلفة وتحفا وسبائك ذهبية وهدايا تتجاوز50 مليون جنيه وامتلاك حفيدته8 فيللات وشقق, وامتلاك نجليه إيهاب وأشرف25 شركة, وقصرا في لندن وثروات ضخمة داخل وخارج مصر وسيارات فارهة.. وتبين أن مكتب اشرف الشريف زجاجي لايوجد به أية ورقة أو مستند للهروب من أية تحريات ولايوجد به سوي جهاز فاكس يتلقي عليه المراسلات المهمة, رغم امتلاكه عددا من التليفونات المحمولة إلا أنه لايرد سوي علي تليفون واحد فقط خاص, وثبت أن الشريف منح أولاده هبات بعشرات الملايين من الجنيهات وحاول اخفاء ثرواته الحرام في ذممهم المالية للهروب من المسئولية الجنائية, وان ثرواته وزوجته وأولاده واحفاده تتجاوز المليار جنيه ولم يكن ممكنا جمعها لولا استغلال نفوذه في الحكومة ثم مجلس الشوري والحزب الوطني وتجري تحريات مكثفة للوصول إلي ثرواتهم وأموالهم المودعة في عدد من البنوك بسويسرا وانجلترا خارج مصر.
وقد تمسك الشريف مثل سرور في التحقيقات بأن ذمته المالية منفصلة عن ذمم أولاده وانهم مسئولون وحدهم عم يمتلكونه من ثروات ويجب سؤالهم هم عن هذه الثروات, وابدي الاندهاش عند رؤية مستندات قصر اشرف في لندن وفقد أية قدرة علي المحاورة واللف والدوران ولكن المحققين واجهوهما بحقيقة الاتهام بأنهما هم من حصلا لأولادهم علي هذه الثروات الحرام باستغلال نفوذهم بما يؤكد مسئوليتهم الجنائية. المستشار عاصم الجوهري رئيس جهاز الكسب غير المشروع أكد أن جهاز الكسب غير المشروع لن يتأخر في محاسبة كل المتهمين بتضخم الثروات بشكل غير مشروع وان سيف العدالة والقانون فوق الجميع.
وبالنسبة لفتحي سرور فقد كشفت التحريات الجديدة للرقابة الادارية ومباحث الاموال العامة عن تضخم كبير في الثروات التي يمتلكها فتحي سرور وزوجته واولاده واحفاده وانه لولا استغلاله لمناصبه الحساسة والمتعددة في الجامعة ثم الوزارة ثم رئاسة مجلس الشعب لما حصل عليها, حيث نسي قدسية الوظيفة العامة واجترأ علي المال العام واخذ يغرف منه لنفسه ولاولاده وحاول اخفاء ثرواته الحقيقية بمنحها هبات واملاكا لاولاده ثم الرد علي المحقق بأنه غير مسئول عن الذمم المالية لاولاده, حيث يمتلكون مايزيد علي15 قصرا وفيللا وشقة في القاهرة والتجمع الخامس ومارينا والساحل الشمالي والعين السخنة ولسان الوزراء بأبوسلطان ومدن مصرية اخري, كما يمتلكون حسابات كبيرة بالبنوك في داخل مصر وخارجها وهدايا وتحفا ثمينة وسبائك ذهبية وسيارات فارهة وقطع اراض, وتبين أن سرور كان يحصل علي الاراضي والشقق والقصور من الدولة بأسعار بخسة وبآلاف الجنيهات ثم يقوم بتصقيعها وبيعها بملايين الجنيهات وحتي ماحصل عليه من ملايين نظير العمل في قضايا التحكيم الدولية لم يكن يسمح له ولاولاده بامتلاك ثروات بمئات الملايين من الجنيهات في مصر وخارجها, كما تجري التحريات حول ماتردد عن امتلاكهم قصرا باهظ الثمن في باريس وايداعهم أموالا ضخمة هناك.

الاثنين، 26 سبتمبر 2011

الكشف عن أول عميلة إسرائيلية للتجسس الاقتصادي ومبارك يرفض القبض عليها



كتب توحيد مجدى

تجسست علي الاقتصاد المصري ورجال الأعمال المصريين وظلت فترة في القاهرة تتابع نشاطهم وترسل بياناتهم الشخصية والمعلومات الكاملة عن شركاتهم ومصانعهم إلي تل أبيب، إنها الجاسوسة الاقتصادية «ديفورا جناني إلعاد» التي كانت إقامتها في القاهرة حتي اكتشاف أمرها، هادئة عملت خلالها علي تتبع رجال الاقتصاد المصري في جميع المجالات وحينما تم اكتشافها لم يتمكن أحد من القبض عليها وأمر الرئيس المخلوع حسني مبارك بعدم المساس بها والسماح لإيهود باراك بأن يعيدها علي طائرته الخاصة لتل أبيب لتستقبل استقبال الأبطال علي الرغم من أنها كانت أخطر من تجسس علي مصر صناعيا خلال فترة الثلاثين عامًا الماضية..

وننفرد في «روزاليوسف» بنشر قصتها.. الزمان صباح الثلاثاء 15 يوليو 1997 .. المكان السفارة المصرية بتل أبيب مكتب السفير المصري "محمد بسيوني" وإشارة مشفرة تصل إلي السفارة من جهاز مصري سيادي يخطر السفير بأن حدثًا أمنيا مهمًا سيحدث لمواطن إسرائيلي مساء اليوم بالقاهرة سيكون له أثر في إسرائيل وعلي السفارة أن تستعد لتداعيات الأحداث، بسيوني يقف حائرا فالمعلومة لا تكشف الكثير وتهدد تل أبيب، وهم لم يفيقوا بعد من ضربة "عزام عزام" الذي سقط بالقاهرة في 5 نوفمبر 1996 وقد راح يراجع كل ملفات التأشيرات العادية والمتعددة حيث شهدت الفترة من عام 1992 قرارًا رئاسيا مصريا من "حسني مبارك" بمنح رجال الأعمال الإسرائيليين ما يسمي بالتأشيرة المتعددة الاستخدام (الملتي فيزا) لتسمح لحاملها بحرية الدخول والخروج من مصر دون مشاكل وأحيانًا السفر والعودة لمدة عام كامل.

علي الجانب الآخر كانت "ديفورا جناني إلعاد" مواليد إسرائيل 6 أغسطس 1945 سيدة الأعمال الإسرائيلية تستعد لوداع إبنها "عاموس إلعاد" الملازم أول وقتها في القوات الخاصة الإسرائيلية وابنتها "كارمل إلعاد" الضابطة الجديدة يومها بجيش الدفاع الإسرائيلي لتعود للقاهرة التي عاشت بها دون أي تدخل أمني ودون أن تتمكن في أي يوم من الكشف عما يجري حولها مع أنها كانت تحت السيطرة والتحكم منذ ساعتها الأولي علي أرض مصر.

كان المشهد عاديا فقد كانت تعيش بين القاهرة وفيللتها الصغيرة التي تعيش فيها شراكة مع أسرة أخري تؤجر نصف الفيللا وبينهما حاجز بالحي الألماني في القدس الغربية منذ يونيو 1993 عندما استقرت في مصر ممثلة تسويقية لشركة أمريكية عالمية تدعي "وارلد وايد فيجين" من كبري الشركات الأمريكية في مجالات تسويق العطور ومنتجات التجميل وإكسسوارات الجمال.

نحن الآن في مشهد النهاية في مطار بن جوريون حيث تصعد ديفورا لطائرة العال الإسرائيلية والساعة تشير إلي الثانية عشرة والنصف مساء وقد أصبحنا في يوم الثلاثاء 15 يوليو 1997 .

في الطائرة جلست ديفورا بجانب الصحفية المصرية "سونيا دبوس" من صحيفة الأخبار المصرية كانت قد أنهت لتوها مهمة صحفية لجريدتها بحوار مع رئيس الوزراء "شيمعون بيرز" وكانت سونيا علي الطائرة وتلعن الأمن الإسرائيلي الذي فتشها في المطار بطريقة لا تليق وظل الحوار بينهما إلي أن هبطت الطائرة بمطار القاهرة الدولي الساعة الثانية فجر الثلاثاء 15 يوليو وأمام طابور الجوازات وقفت ديفورا تنتظر خاتم جواز سفرها غير الدبلوماسي وتأشيرتها لمصر تدل علي أنها مفتوحة.

أخذ ضابط الجوازات جواز سفرها وختمه بخاتم الدخول لكنه لم يعده إليها وكانت علي وشك الانهيار وهي تشعر بأنها قد كشفت وتركوها ثلاث ساعات دون رد خلالها نجحت بمساعدة مكتب سفريات لا يعلم بموضوعها في إجراء ثلاث مكالمات، الأولي لنائب القنصل الإسرائيلي في مصر "ميخائيل شطريت" فلم تجده في منزله لكنها وجدته لدي منزل الملحق التجاري "رؤوفين عازر" فأعلنا لها أنهما في الطريق إليها وسيوقظان رئيس الحكومة من نومه ليتدخل لدي مبارك، أما المكالمة الثالثة فقد كانت لابنها عاموس في القدس وطلبت منه تدخل بعض الصحفيين والمسئولين ليساعدوها وكما أخبرت ابنها: "قبضوا عليها في مصر".

في المطار بعد أن أغلق أحدهم الخط من يدها دعيت للتحقيق بمكتب أمن الجوازات الذي استجوبها في نحو 80 دقيقة عن أسئلة روتينية حيث تدخل في التليفون "زكريا عزمي" وأمرهم باسم الرئيس بنقلها لفندق الترانزيت فاصطحبها الأمن إلي مبني فندق الترانزيت المقابل لصالة الوصول داخل دائرة المطار وتم التنبيه علي الفندق بالتعليمات ووقف يحرس الفندق رجال الأمن المصري لحين البت في أمرها حيث رفض الرئيس المصري لأسبابه الشخصية إلقاء القبض علي ديفورا وتدخل إيهود باراك الذي كان سيتقابل مع الرئيس بعدها بساعات، فسمح مبارك بتركها تعود لإسرائيل علي طائرة إيهود باراك الذي حقق مكسبًا سياسيا خطيرًا منحه مبارك إياه هدية لأنه أنقذ عميلة إسرائيلية من مصير غامض في مصر.

وفي تمام الساعة السابعة مساء نفس اليوم كانت طائرة إيهود باراك تهبط مطار بن جوريون ومئات من الإسرائيليين ينتظرون ديفورا جناني ويستقبلونها استقبال الأبطال وكنا في مصر قد تنفسنا الصعداء فقد رحل أكبر خطر علي الاقتصاد المصري من وجهة نظرنا الضيقة وقتها حيث كان القادم أخطر مائة مرة من ديفورا.

في القاهرة كانت ديفورا في الشهور الأولي تعيش إقامة دائمة (فول بوورد) في فندق شيراتون الجزيرة، والقاهرة كتاب مفتوح أمامها علي مدار الساعة حيث كانت عقب انتهاء جولاتها علي الشركات المصرية صباحًا في محاولة منها لفتح أسواق جديدة وفي المساء تجلس حتي ساعة متأخرة في مطعم (كبابجي شهير) لاستقطاب أكبر عدد من المصريين.

كانت هناك تغييرات سياسية في مطبخ الرئاسة تنذر بعلامات سيئة فرئيس الدولة قرر رفع كل القيود عن رجال الأعمال الإسرائيليين حتي تملك الأراضي والعقارات بل ومنع أجهزة الأمن من تطبيق الإجراءات المتعارف عليها بعد اتفاق خاص له مع رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها "شيمعون بيريز" ورئيس الموساد "شبتاي شافيت" الذي تولي رئاسة الموساد من 1989 إلي 1996 والذي سيظهر بعد ذلك بأعوام طويلة مديرًا لشركة "أمبال" المملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي "يوسي مايمان" وسيلعب بعدها في تاريخ مبارك دور وسيط الرشوة في صفقة الغاز المصرية - الإسرائيلية.

كانت أجهزة الأمن السيادية مصرية بامتياز، فوزير الداخلية هو اللواء "محمد حسن الألفي" حتي جهاز أمن الدولة المنحل سيئ السمعة كان في تلك الفترة جهازًا وطنيا لم يتلوث بعد والغريب أن "رئيس الجهاز كان هو "حبيب إبراهيم العادلي" كما أن رئيس الملف الصهيوني في إدارة أمن الدولة بالجيزة المسئولة عن السفارة الإسرائيلية كان هو العقيد "أحمد رمزي" المتهم أيضا بقتل الشهداء.

في الوقت نفسه كان اللواء "عمر سليمان" مديرا جديدًا للجهاز وتحديدًا منذ 22 يناير 1993 رجلاً مصريا عملاقا أعاد بناء الجهاز المصري من جديد، وكل الأقسام والفرق قد أقسمت علي حب مصر أمام رغبات الرجل الكبير الذي أصيب بفيروس "الحب الإسرائيلي".

بينما كانت المعلومات الأولي تنذر بأننا أمام جاسوسة إسرائيلية من الدرجة الأولي فتصرفاتها وحجم علاقاتها جعلها تغطي كل المناطق الصناعية المصرية خلال عامها الأول في مصر ، بل كان لا يمكن أن تنطق أمامها باسم مصنع أو شركة مصرية كبري إلا وتخرج لك كروت ملاك ومديري تلك الشركة وتتصل بهم أمامك وكأن بينهم علاقة لسنوات طويلة.

في شيراتون الجزيرة كانت الفواتير التي تدفعها الشركة الأمريكية لإقامتها تبلغ آلاف الدولارات يوميا فكانت تقيم العزومات لكبار رجال الأعمال المصريين وكانت تستخدم كل أقسام الفندق وكانت فاتورة قسم خدمة رجال الأعمال اليومية من اتصالات وفاكسات دولية غير عادية ونحن هنا نتكلم عن فترة سبقت الإنترنت والتليفون المحمول.

كان السؤال المنطقي هل تحقق أرباحا وتعقد صفقات يومية تغطي تلك النفقات الباهظة؟ والأهم لماذا كل تلك العلاقات غير المفسرة أحيانا؟ ولماذا الشركات المصرية الحساسة؟ والعجيب أن العلاقة بين شركات البناء ممثلة في مجموعة "طلعت مصطفي" الصاعدة أيامها وشركات الكيماويات الحساسة خاصة كاتو أروماتيك لرجل الأعمال المصري "إبراهيم كامل" ومؤسسة العالم اليوم الصحفية لمالكها "عماد الدين أديب" وشركة حورس لمعارض الآثار المصرية بالخارج ومجموعة شركات "شريف والي" ومجموعة محلات "عمر أفندي" ومجموعة "شملا" وشركة النحاس المصرية في برج النواتية بالإسكندرية ومجموعة "محمد تيسير الهواري" للحديد وشركة صوت القاهرة ومصطفي منتصر ومجموعة "حسين سالم" وصحفي رئاسي كبير ومصانع المنتجات الغذائية ورجل الأعمال الصغير "أحمد عز" وعشيقها المغمور في مخازن مستشفي قصر العيني الفرنسي ومصانع المنتجات الغذائية المصرية الصاعدة في العاشر من رمضان ومصانع الشيبسي التي كانت تبدأ لتوها ومصانع "رشيد محمد رشيد" ومنصور عامر والنساجون وشركات تصنيع الأدوية وكم دفاتر الكروت التي كانت تملؤها دوريا وترسلها أولاً بأول لإسرائيل إلي عنوان مفتعل، عقب تتبعه وجد أنه "معهد الصناعة الإسرائيلي" في هرتسليا كان لا علاقة لها ببعضها أمنيا.

مع ذلك كانت الإجابة كبيرة وواضحة فتلك السيدة لم تأت إلي مصر كما قال "حسني مبارك" للتسويق لشركة أمريكية كبري ويجب تقديم المساعدة لها لأنها جاءت لعمل دراسات أمنية استراتيجية علي قطاع الصناعة والتجارة في مصر بشكل عام وغير مسبوق منذ توقيع معاهدة السلام.

معلومة مهمة أكدت أن ديفورا كانت تجمع معلومات من القاهرة عن رجال الأعمال المصريين في تل أبيب خاصة عن رجل أعمال يدعي "محمد الطويلة" كانت تسأل عن خلفيته وعن شركاته وعما إذا كانت شركاته غطاء للمخابرات المصرية من عدمه وكان الرجل يريد استيراد وتصدير البرتقال واليوسفي اليافاوي (يافا).

وضعت أولي المعلومات علي مكتب رئيس الجمهورية فرفضها وكأنه يدافع عن عملاء إسرائيل فقررت الأجهزة الوطنية التدخل بتهديدها صحفيا ولخبرتها كمستشارة صحفية لعدة وزراء إسرائيليين من قبل نجحت الخطة وبدأت عملية السيطرة علي العميل.

وبقي الشاغل الأهم هو الحفاظ علي استمرارية السيطرة علي تلك العميلة علي مدار الساعة ، حتي وهي في إسرائيل بينما كل هذا كان يدور سرًا ضد رغبة الرئيس المصري الذي لو كان قد علم بالموضوع في تلك المرحلة من العملية لكان أطاح بالكبير قبل الصغير.

إلي اللقاء في الحلقة الثانية

صحافي مصري يخترق الحظر وينشر النص الكامل لشهادة المشير طنطاوي

"مبارك تدخل لوقف نزيف المصابين وأمر بالتحقيق في عمليات القتل"

صحافي مصري يخترق الحظر وينشر النص الكامل لشهادة المشير طنطاوي

الإثنين 28 شوال 1432هـ - 26 سبتمبر 2011م

دبي - العربية نت

اخترقت صحف مصرية حظر النشر الذي فرضه النائب العام على شهادة المشير محمد حسين طنطاوي في محاكمة الرئيس السابق مبارك ووزير داخليته و6 مساعديه في قضية قتل المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير، وقامت بإعادة ما نشره الصحافي محمد الجارحي في حسابه على موقع "تويتر" على شكل أسئلة من المحكمة وإجابات المشير عليها.
وجاء في النص المنشور ما يلي:

س١: حصل اجتماع يوم 22 يناير، هل ورد إلى رئيس الجمهورية السابق ما دار في هذا الاجتماع وما أسفر عنه وما كان مردوده؟
ج1: الاجتماع كان برئاسة رئيس الوزراء وأعتقد أنه بُلغ.

س2: بداية من أحداث 25 يناير وحتى 11 فبراير هل تم اجتماع بينك وبين الرئيس السابق حسني مبارك؟

ج2 : ليست اجتماعات مباشرة ولكن يوم 28 يناير لما أخذنا الأمر من السيد رئيس الجمهورية كان هناك اتصالات بيني وبين السيد الرئيس

س3: ما الذي أبداه رئيس الجمهورية في هذه اللقاءات؟

ج3: اللقاءات بيننا كانت تتم لمعرفة موقف القوات المسلحة خاصة يوم 28 وعندما كلفت القوات المسلحة للنزول للبلد ومساعدة الشرطة لتنفيذ مهامها، كان هناك تخطيط مسبق للقوات المسلحة وهذا التخطيط يهدف لنزول القوات المسلحة مع الشرطة وهذه الخطة تتدرب عليها القوات المسلحة، القوات المسلحة بتنزل لما الشرطة بتكون محتاجة المساعدة وعدم قدرتها علي تنفيذ مهامها، وأعطى الرئيس الأمر لقائد القوات المسلحة اللي هي نزول القوات المسلحة لتأمين المنشآت الحيوية وهذا ما حدث.

س4 : هل وجه رئيس الجمهورية السابق المتهم محمد حسني مبارك أوامر إلى وزير الداخلية حبيب العادلي باستعمال قوات الشرطة القوة ضد المتظاهرين؟.. بما فيها استخدام الاسلحة الخرطوش والنارية من 25 يناير حتى 28 يناير؟

ج4: ليس لديّ معلومات عن هذا وأعتقد ان هذا لم يحدث.

س5 : هل ترك رئيس الجمهورية السابق للمتهمين المذكورين من أساليب لمواجهة الموقف؟

ج5: ليس لديّ معلومات.

س6: هل ورد أو وصل إلى علم سيادتك معلومات أو تقارير عن كيفية معاملة رجال الشرطة؟

ج6: هذا ما يخص الشرطة وتدريبها ولكني أعلم أن فض المظاهرات بدون استخدام النيران.

س7 : هل رصدت الجهات المعنية بالقوات المسلحة وجود قناصة استعانت بها قوات الشرطة في الأحداث التي جرت؟

ج7 : ليس لديّ معلومات.

س8 : تبين من التحقيقات إصابة ووفاة العديد من المتظاهرين بطلقات خرطوش أحدثت إصابات ووفيات..هل وصل ذلك الأمر لعلم سيادتك وبم تفسر؟

ج8: أنا معنديش معلومات بكده.. الاحتمالات كتير لكن مفيش معلومة عندي.

س9 : هل تعد قوات الشرطة بمفردها هي المسؤولة دون غيرها عن إحداث إصابات ووفيات بعض المتظاهرين؟

ج9: أنا معرفش ايه اللي حصل.

عناصر خارجة عن القانون تدخلت

س10: هل تستطيع سيادتك تحديد هل كانت هناك عناصر أخري تدخلت؟
ج10: هيا معلومات غير مؤكدة بس أعتقد أن هناك عناصر تدخلت.

س11: وما هي تلك العناصر؟

ج11: ممكن تكون عناصر خارجة عن القانون.

س12: هل ورد لمعلومات سيادتك أن هناك عناصر اجنبية قد تدخلت؟

ج12: ليس لدي معلومات مؤكدة ولكن ده احتمال موجود.

س13: وعلى وجه العموم هل يتدخل الرئيس وفقا لسلطته في أن يحافظ على أمن وسلامة الوطن في إصدار أوامر أو تكليفات في كيفية التعامل؟

ج13: رئيس الجمهورية ممكن يكون أصدر أوامر، طبعا من حقه ولكن كل شيء له تقييده المسبق وكل واحد عارف مهامه.

س14: ولمن يصدر رئيس الجمهورية علي وجه العموم هذه الأوامر؟

ج14: التكليفات معروف مين ينفذها، ولكن من الممكن أن رئيس الجمهورية يعطي تكليفات مفيش شك.

س15: وهل يجب قطعاً على من تلقى أمر تنفيذه مهما كانت العواقب؟

ج15: طبعاً يتم النقاش والمنفذ يتناقش مع رئيس الجمهورية وإذا كانت الأوامر مصيرية لازم يناقشه.

س16: هل يعد رئيس الجمهورية السابق المتهم محمد حسني مبارك مسؤول مسؤولية مباشرة أو منفردة مع من نفذ أمر التعامل مع المتظاهرين الصادر منه شخصياً؟

ج16: إذا كان أصدر هذا الأمر وهو التعامل باستخدام النيران أنا اعتقد أن المسؤولية تكون مشتركة، وأنا معرفش إن كان أعطى هذا الأمر أم لا.

س17: وهل تعلم ان رئيس الجمهورية السابق كان على علم من مصادره بقتل المتظاهرين؟

ج17: يسأل في ذلك مساعديه الذين أبلغوه هل هو على علم أم لا.

س18: وهل تعلم سيادتكم أن رئيس الجمهورية السابق قد تدخل بأي صورة كانت لوقف نزيف المصابين؟

ج18: أعتقد انه تدخل وأعطى قراراً بالتحقيق فيما حدث وعملية القتل وطلب تقريراً وهذه معلومات.

س19: هل تستطيع على سبيل القطع والجزم واليقين تحديد مدى مسؤولية رئيس الجمهورية السابق عن التداعيات التي أدت إلي إصابة وقتل المتظاهرين؟

ج19 : هذه مسؤولية جهات التحقيق.

س20: هل يحق وفقاً لخبرة سيادتكم أن يتخذ وزير الداخلية وعلى وجه العموم ما يراه هو منفرداً من إجراءات ووسائل وخطط لمواجهة التظاهرات دون العرض علي رئيس الجمهورية؟

ج20: اتخاذ الإجراءات تكون مخططة ومعروفة لدى الكل في وزارة الداخلية، ولكن في جميع الحالات يعطيه خبراً بما يخص المظاهرات، ولكن التظاهر وفضه هي خطة وتدريب موجود في وزارة الداخلية.

وزير الداخلية لم يتعاون مع الجيش لتأمين المظاهرات

س21: وهل اتخذ حبيب العادلي قرار مواجهة التظاهر بما نجم عنه من إصابات ووفيات بمفرده بمساعدة المتهمين الآخرين في الدعوى المنظورة وذلك من منظور ما وصل لعلم سيادتك؟
ج21: معنديش علم بذلك.

س22: على فرض إذا ما وصلت تداعيات التظاهرات يوم 28 يناير إلى استخدام قوات الشرطة آليات مثل إطلاق مقذوفات نارية أو استخدام السيارت لدهس سيارات لدهس المتظاهرين.. هل كان أمر استعمالها يصدر من حبيب العادلي ومساعديه بمفردهم؟

ج 22: ما أقدرش أحدد اللي حصل إيه، ولكن ممكن هو اللى اتخذها وأنا ما أعرفش واللى اتخذها مسؤول عنها.

س23: هل يصدق القول تحديداً وبما لا يدع مجالاً للشك أو الريبة أن رئيس الجمهورية السابق لا يعلم شيئاً أو معلومات أياً كانت عن تعامل الشرطة بمختلف قواتها أو أنه لم يوجه إلى الأول سمة أوامر أو تعليمات بشأن التعامل والغرض أنه هو الموكل إليه شؤون مصر والحفاظ على أمنها؟

ج23: أنا ما أعرفش اللى حصل إيه، لكن أعتقد أن وزير الداخلية بيبلغ وممكن ما يكونش مش عارف بس أنا ما أعرفش.

س24: هل هناك إصابات أو وفيات لضباط الجيش؟

ج24: نعم هناك شهداء.

س25: هل تعاون وزير الداخلية مع القوات المسلحة لتأمين المظاهرات؟

ج 25: لأ

س26 : هل أبلغت بفقد ذخائر خاصة بالقوات المسلحة؟

ج26: مفيش حاجة ضاعت لكن هناك بعض الخسائر في المعدات واتصلحت ومفيش مشكلة.

س27: هل أبلغت بدخول عناصر من حماس أو حزب الله عبر الأنفاق أو غيرها لإحداث إضرابات؟

ج27: هذا الموضوع لم يحدث أثناء المظاهرات واحنا بنقاوم الموضوع ده واللي بنكتشفه بندمره وإذا كان فيه حد محول لمحكمة فهذا ليس أثناء المظاهرات

س28: هل تم القبض على عناصر أجنبية في ميدان التحرير وتم إحالتهم للنيابة العسكرية ؟

ج28: لا.. لم يتم القاء القبض على أي أحد.

س29: فى الاجتماع الذي تم يوم 20 يناير هل تم اتخاذ قرار بقطع الاتصالات؟

ج29: لم يحدث.

س30: بعض اللواءات قالوا: طلب منا فض المظاهرات بالقوة.. هل طلب من القوات المسلحة التدخل لذلك؟

ج30: أنا قلت في كلية الشرطة في تخريج الدفعة إنه أنا بأقول للتاريخ إن أي أحد من القوات المسلحة لن يستخدم النيران ضد الشعب.

السبت، 24 سبتمبر 2011

عزمي يعترف بحصوله علي هدايا ثمينة من الملوك والرؤساء

في تحقيقات الكسب غيرالمشروع: عزمي يعترف بحصوله علي هدايا ثمينة من الملوك والرؤساء
متابعة‏:‏ خالد أبوالعز ومحمد يوسف تهامي‏:‏


تستكمل الأهرام اليوم نشر تحقيقات جهاز الكسب غير المشروع مع د‏.‏ زكريا عزمي رئيس ديوان الرئيس السابق والذي اعترف فيها بأنه تلقي العديد من الهدايا القيمة من الملوك والرؤساء العرب والأجانب.
<="" div="" border="0">

وفيما يلي بقية نص التحقيقات التي نشرتها الأهرام أمس:
ما عناصر الذمة المالية الحالية لك ولزوجتك السيدة بهية عبد المنعم سليمان؟

ج: في إقرار81 كنت مسجل أن أنا مشتر في الجمعية التعاونية لبناء المساكن في رئاسة الجمهورية ودفعت قسطا989 جنيها لحجز قطعة أرض بحدائق القبة وأنا أمتلك حاليا فيللا صغيرة في أبو سلطان وشاليها في مارينا منطقة15 وتمتلك حرمي فيللا في أرض المشتل بالتجمع الخامس كما امتلك سيارة مرسيدس موديل2010 وزوجتي سيارة ووديعة بالبنك المصري الأمريكي بمبلغ3 ملايين و214 ألفا و488 جنيها هذه الوديعة منذ فترة ووديعة أخري قيمتها في2010 بمبلغ4 ملايين جنيه كما أن لدي وديعة بالدولار بمبلغ98 ألفا و741 دولارا وحساب توفير يودع فيه معاشي ورصيده حاليا167 ألف جنيه. أما زوجتي فعندها وديعة2 مليون و897 ألفا و995 جنيها ولديها حساب جار بمبلغ25474 جنيها ووديعة بالدولار20890 ألف دولار هذه الودائع حتي أول يناير2011 وقد تكون زادت بعض الشيء بالفوائد وإنني لدي9 فدادين زراعية في جمعية الفرسان بالخطاطبة وقطعة أرض بالمشاع في البلد بالميراث بالإضافة إلي منقولات ومصوغات زوجتي والعديد من الهدايا القيمة أهديت للأسرة من بعض الملوك والرؤساء من دول عربية وأجنبية وملوك العالم في مناسبات مختلفة وجميع هذه الممتلكات رصدتها في آخر إقرار ذمة مالية في يناير2011 ثم عاودت إثباتها في إقرار نهاية الخدمة وفيما عدا ما ذكرت لا أمتلك أنا أو زوجتي أي شيء آخر.
س: وما المساحة المخصصة؟

ج: هي مساحة7.2 قيراط.
س: هل صدر من المحافظة ما يفيد تخصيص مساحة الـ4 قراريط الزائدة عن المساحة المخصصة لزوجتك؟

ج: المساحة الزائدة مشهرة تأسيسا علي أن الأرض الزائدة هي طرح بحيرات ضمن القرار972 لسنة1982 وسدد ثمن الزيادة طبقا لما هو ثابت في البند الثالث من العقد المشهر وبموجب قرارات تخصيص علي النحو التالي:
1 قيراط وثلاثة أسهم.
4 أسهم كقرار تخصيص آخر.
وقرار تخصيص2 قيراط و5 أسهم.
س: وإلي من صدرت تلك التخصيصات وما الجهة التي أصدرته؟

ج: التخصيص صادر من محافظة الإسماعيلية باسمي.
س: وما الوظيفة التي كنت تشغلها إبان تلك التخصيصات؟

ج: أنا كنت أمين عام رئاسة الجمهورية.
س: وهل بحكم وظيفتك تتعامل مع الجهة المصدرة للترخيص؟

ج: علي حد علمي واعتقادي الراسخ أن هذا غير محظور وليس هناك ما يمنع من تعاملي شأني في ذلك شأن غيري.
س: ما قولك فيما جاء بتحريات الرقابة الإدارية من أن التخصيص الذي سبق أن صدر لزوجتك عام1988 قد روعيت فيه وظيفتك؟

ج: هذا الكلام غير صحيح وأن زوجتي كان لها شأن واعتبار لأنها كانت صحفية بالأهرام.
س: ما قولك في أن ما تم تخصيصه من مساحات عقب شراء المساحة الخاصة بزوجتك قد روعيت فيه وظيفتك؟

ج: هذا الكلام غير صحيح بدليل أن التخصيصات التي تمت لي ما كان يمكن أن تتم لغيري لأن المساحات محل تلك التخصيصات هي مساحات استجدت كطرح بحر ملتصقة بالأرض الأصلية ومعلوم أن الأرض الملتصقة تتبع الأصل.
س: ما تعليلك كون تاريخ الشراء مساحة7.2 قيراط من زوجتك كان في1990/3/12 وأن تخصيص المساحة الأولي لك من المحافظة والبالغ3.1 سهم كان في1990/3/15 ؟
ج: هذا استنتاج خاطئ والمسألة محض صدفة لأن اتفاقي مع زوجتي علي الشراء منها كان سابقا علي تاريخ إثبات هذا العقد خاصة أن ظروف شرائي منها تلك الأرض والتي لا تظهر في الأوراق هي أنها ظروف وحدوث خلافات بيني وبين زوجتي أدت إلي أنني أعطيتها شقة وهي أعطتني الأرض.
س: ما قولك فيما جاء بالتحريات من أن تلك الأرض بتخصيصاتها المختلفة ونظرا لتميزها لم تكن متاحة للجميع وإنما روعي في ذلك وضعك الوظيفي؟

ج: هذا الكلام غير صحيح والصحيح أن هذا هو الوضع الذي كان سائدا في حينه من أن يكون التخصيص تابعا للتخصيص الأصلي الذي تم لزوجتي.
س: هل لك من مساحات أخري بأبوسلطان؟
ج: لا.
س: ما كيفية تملكك للشاليه الكائن بمارينا بالمنطقة15 ؟

ج: هو شاليه في نموذج الجوهرة منطقة15 بمساحة289 م من طابقين وأنا شاريه من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.
س: ومتي تم التخصيص من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة؟

ج: هو تخصص لي بعد أن تقدمت بطلب في1997/7/22 وتم التخصيص في1999/7/6 من هيئة المجتمعات العمرانية.
س: وما الجهة المالكة للشاليه المخصص؟

ج: هيئة المجتمعات العمرانية.
س: وما الثمن المحدد له؟

ج:750 ألف جنيه كثمن اجمالي.
س: ما قولك فيما قرره عضو الرقابة وضباط الأموال العامة من أن تخصيص ذلك الشاليه كان لمعيار واحد وهو وضعك الوظيفي وأنه لم يكن متاحا للجميع؟

ج: هذا افتراء شديد وواضح بدليل أن الشاليه الذي علي يساري ملك تاجر رنجة وبجواري صاحب مصنع بلاستيك في شبرا الخيمة وعن يميني أستاذ بكلية الهندسة وبجواري تاجر فاكهة وبجواري أيضا من الخلف الصحفي فهمي هويدي فكيف كان التخصيص غير متاح إلا بسبب وضعي الوظيفي وهو كما أوضحت أن التخصيص كان متاحا وحصل فعلا آخرون غيري من مختلف الطوائف والأهم من كل هذا أنني كتبت هذا الشاليه في الاقرار كما سددت ثمنه علي أقساط كما أوضحت وهو في النهاية مجرد شاليه وليس قصرا أو فيللا.
س: وما كيفية تملكك للسيارة المرسيدس؟

ج: أنا شاريها من الشركة ومدونة في الاقرار وشاريها بمبلغ688 ألفا وأنا من سنة1982 كان بحوزتي وزوجتي سيارة فيات131 مدونة باقرار1987 وكانت باسم مراتي لأن أنا لم أكن في حاجة إلي سيارة في تنقلاتي ثم سيارة مرسيدس باسمي في1996/11/27 وسيارة باسم زوجتي في1997/12/15 ثم تم تغيير السيارة المرسيدس في2002/11/1 بسيارة مرسيدس أخري عن طريق استبدالها بأخري مع دفع الفرق وهو ما دونته باقرار2005 ثم تم استبدال السيارة المرسيدس الأخيرة300E في2010/6/5 مع دفع الفرق من ناتج بيع شقة كانت ملكي برقم21 شارع فريد تم بيعها بمبلغ4 ملايين و354 ألفا وهو ما ساعدني علي تغيير سيارة زوجتي أيضا بسيارة مرسيدس2010-250E والباقي مبلغ4 ملايين في آخر اقرار.
س: وما كيفية تملكك للتسعة أفدنة الكائنة بالخطاطبة محافظة الجيزة؟

ج: كنت عضوا بجمعية الفرسان وهي جمعية تعاونية للضباط العاملين بالحرس الجمهوري سابقا ومعظم أعضائها من الضباط وتم تخصيص9 أفدنة لي وأنا كاتبها في اقراراتي المتوالية.
س: وما الثمن المدفوع في تلك الأرض؟

ج: حتي تاريخه مائة ألف جنيه مسددة علي أقساط من سنة1991 حتي الآن وكل ذلك مبين في اقرارات الذمة المالية خاصة اقرار سنة1993 مدونة في بند الديون بند رقم.7
س: ما قولك فيما قرره عضو الرقابة من أن تخصيص تلك الأرض لوضعك الوظيفي؟

ج: الجمعية ديه كانت موجودة وأنا معايا صور من الكشف بتقول وتوضح أسماء أعضاء الجمعية ومفيش فيهم حد ذي منصب يلفت النظر ومنهم الدكتور محمد سليم العوا وأنا سددت المبالغ دي علي أقساط مختلفة اعتبارا من سنة1991.
س: ما مصدر ما أقررت به من ودائع؟

ج: بالنسبة لوديعة4 ملايين جنيه ديه من ناتج بيع شقة21 شارع فريد4 ملايين و354 ألفا وفي حساب1025 وده حساب جاري في حساب فيه167 ألف جنيه معاشي المستحق هو متجمد المعاش المستحق وفي وديعة بمبلغ3 ملايين و214 ألفا و488 جنيها باينين في اقراري وأرض جمعية عرابي الزراعية والبالغ مساحتها8 فدادين إلي محمد إبراهيم وجدي قرار بمبلغ2 مليون جنيه بالاضافة إلي مبلغ625 ألفا بيع شاليه سيدي كرير المشتراة من القوات المسلحة أما بالنسبة للوديعة البالغة198 ألفا و741 دولارا فهي مبينة بالتدريج في اقراراتي البادئ سنة5000,1987 دولار ثم اقرار1993 أثبت فيه عشرة آلاف دولار وعشرين ألف دولار وواحد وأربعين ألف دولار, أما زوجتي فلها وديعة2 مليون و897 ألفا995 جنيها من ناتج بيع شقة بالمعمورة و190 ألف جنيه وباينة في اقرار2001 وبايعة شقة بمنطقة العبور بمصر الجديدة مشتراة بمبلغ750 ألف جنيه وموضحة باقرار2008 وبيع شاليه بالعين السخنة362 ألفا و500 جنيه في اقرار2007 بالاضافة إلي بيعها بعض الهدايا وميراث والدها ووالدتها ومرتبها من جريدة الأهرام وكل الودائع مفسرة في اقرارات الذمة المالية.
س: وما كيفية تملكك وزوجتك لقطعة الأرض رقم5 شمال الشويفات منطقة المشتل الجديد والمشتراة باسم زوجتك من هيئة المجتمعات العمرانية؟

ج: في2003/6/1 تم التقدم بطلب من زوجتي لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لحجز قطعة أرض في التجمع الخامس وذلك بعد فتح باب الحجز فيها والإعلان عن ذلك للكافة فخصصت لها أصغر قطعة أرض في مربع يضم أرضا خصصت لكثير خلاف زوجتي وأكبر ألف مرة ومن بين حضراتهم حرم صفوت الشريف وزوج بنت فتحي سرور وممدوح الزهيري محافظ جنوب سيناء والقبطان عادل ثابت وشوقي يونس رئيس شركة الملاحة الوطنية والدكتور علاء عبدالحي, وزوجتي واخده أصغر مساحة في هذا المربع وكل ذلك معناه أن التخصيص تم طبقا للنظام المتبع ودون أي اعتبار خاص لي كرئيس لديوان رئيس الجمهورية وهو منصب إداري أي أنني موظف.
س: ما قولك فيما قرره عضو الرقابة من أن ذلك التخصيص روعيت فيه وظيفتك وأن تلك الأرض لم تكن متاحة للكافة؟

ج: هذا الكلام غير صحيح وسبق أن أوضحت من خلال اسماء المخصصة لهم أراض في نفس المربع أنهم مجموعة مختلفة ومنهم من هم أهم مني وأحب أن أضيف أن في المربع المقابل لأرض زوجتي من الجهة الأخري يوجد مربع خصصت فيه قطعتان ربما ثلاث للسيد اللواء هتلر طنطاوي الرئيس السابق للرقابة الإدارية وأحمد شفيق رئيس وزراء مصر السابق وسمير فرج محافظ الأقصر والصحفي سمير رجب ونصف وزراء مصر وبالتالي فإن الزعم بأنه ما تم حصول زوجتي علي قطعة الأرض ما كان يحدث لولا أنها زوجتي هو زعم غير صحيح فأنا أقل منصبا من منصب العديد الذين ذكرتهم.
س: وما تكلفة إنشاء البناء المقام علي قطعة الأرض؟

ج: حوالي5 ملايين جنيه مسدد منها بشيكات محررة في الاقرار.
س: ما قولك فيما جاء بذات التحريات أن ذلك التخصيص قد روعيت فيه وظيفتك؟

ج: هذا افتراء شديد لأن تخصيص الأراضي في التواريخ التي خصصت لي كان يتم لأي إنسان يرغب في ذلك وكانت المناطق المذكورة نائية لا يقبل عليها أحد.
س: ما قولك فيما جاء بتحريات الرقابة الإدارية من تملكك قطعة الأرض رقم7 بمنطقة ن بمساحة893 م والمشتراة من الجمعية التعاونية لبناء المساكن في صحراء الأهرام؟
ج: أيوه أنا كنت عضوا في الجمعية وكان المتر بخمسة جنيهات وأشرت إليها اعتبارا من اقرار1987 ثم1993 وبعد ذلك قمت ببيعها لابن شقيقي علي مرتين وهذا كله مسجل في الاقرارات بالتفصيل ولا علاقة لي بها الآن.
س: ما طريقة تملكك للشقة رقم19 البالغ مساحتها458 م الكائنة في21 شارع فريد خلف فندق المريديان هليوبوليس؟

- أنا شاريها من المرحوم زكي إبراهيم في1994/12/3 ولما جيت أسجل أصريت علي حضور المالك الأول اللي كان إبراهيم وجدي كرارة وزوجته نجلاء عبدالحميد جودة السحار علشان كده العقد المسجل دخل فيه الست نجلاء وزوجها وجدي كرارة.
س: ما ثمن المدفوع لتلك الشقة؟
-425 ألف جنيه.
س: وهل سدد ذلك الثمن حال العقد؟

- أنا سددت100 ألف جنيه والباقي كان علي أقساط وده ثابت في صورة العقد اللي بيني وبين زكي.
س: هل تملكت شاليها بقرية سيدي كرير؟

ج: أيوه كان عندي الشاليه ده وخصص لي من جهاز مشروعات القوات المسلحة وتم دفع ثمنه وتم رصيد ذلك بإقرارات93 و95 و99 وبعد ذلك بعته في1997/7/22 بمبلغ625 ألف جنيه واستمر في الشاليه الخاص بمارينا وهذا ما أوردته في إقرار الذمة المالية سنة1999.
س: هل تملكت الوحدة السكنية رقم3 بالطابق الثاني أبراج شيراتون؟

ج: أيوه كانت معايا وبعتها.
س: وما الثمن المدفوع فيها؟
- أنا كنت واخدها بـ226 ألف جنيه في سنة1995 وبعتها في2007/9/13 بمبلغ تسعمائة ألف جنيه وكتبت هذا في إقرار2008.
س: ما قولك فيما جاء بتحريات الأموال العامة من أنك مرخص لك حق انتفاع بالمنتزه كابينة39 شاطئ عايدة بالمنتزه.
ج: أيوه أنا معايا الكابينة ديه حق انتفاع وبدفع إيجارها بانتظام كل سنة.
س: ومتي تم تخصيصها لك؟
ج: من عشرين سنة منذ عام1993
س: وما الجهة الصادر عنها الترخيص بحق الانتفاع؟
ج: هي شركة المنتزه.
س: ما قولك فيما جاء بتحريات الرقابة من أنك تملك لانشا مشتري من شركة أوراسكوم؟
ج: أيوه أنا عندي لانش كنت شاريه وأهديته لابن أخي واعتبرته منقولا.
س: وأين ذلك اللنش الآن؟
ج: في الفيلا عندي في أبو سلطان واللي ييجي من أولاد اخوتي يستخدموه لأن أنا معنديش أولاد.
س: ولما يتم إيراده في إقرار الذمة المالية؟
ج: أنا اعتبرته منقولا وسهي علي ولأني في الواقع لا استعمله.
س: وما الثمن المدفوع لشرائه؟
ج: اعتقد60 ألف جنيه دفعت بمعرفة شقيقي عمر الذي كان يعمل في السعودية وكان يستخدمه ابنه.
س: ما قولك فيما جاء بتحريات الأموال العامة وإفادة مؤسسة الأهرام أنك حصلت في الفترة من2006 حتي بداية2011 علي هدايا بلغت قيمتها مليونا و5350 جنيها؟
ج: أنا بالفعل كانت بتيجي لي هدايا من مؤسسة الأهرام في رأس السنة الميلادية وكانت تأتي من إعلانات الأهرام وأنا لا أذكر تفاصيل مفردات تلك الهدايا ولم يكن يقابلها من جانبي أي مقابل وأعلم أنهم مثل الكثير من الشركات والمؤسسات يوزعون هدايا في تلك المناسبات من باب الدعاية ومع ذلك أنا علي أتم استعداد لرد جميع الهدايا التي يثبت أنني حصلت عليها أو قيمتها أو رد قيمتها إذا كانت قد فقدت من عندي أو لم أعثر عليها.
س: أنت متهم بتحقيق كسب غير مشروع لك ولزوجتك السيدة بهية عبد المنعم سليمان حلاوة باستغلال سلطاتك الوظيفية برئاسة الجمهورية وعضويتك لمجلس الشعب وكونك أمينا مساعد بالحزب الوطني؟.
ج: محصلش أن عملي بالأماكن بالمواقع التي عملت بها كان بمنتهي الشرف والاخلاص ولم اتحصل علي أي كسب أو منفعة وكل تعاملاتي من شراء أو بيع في اقرارات الذمة المالية المختلفة أي أنها كلها كانت علانية وغير خافية ولم يوجه لي من هيئات الفحص أية ملاحظات حول تلك الإقرارات ولم يثبت أنني أملك شيئا أو زوجتي ولم يتم رصده في اقرارات الذمة المالية وبيان تفصيلي عنه وعن مصادر تمويله.
س: هل لديك أقوال أخري؟
ج: أيوه انا عايز أقول أنني تعرضت وأتعرض لحملة شرسة ظالمة سواء من وسائل الإعلام المختلفة أو من بعض الأفراد تتضمن طعنا في ذمتي بغير أساس ولمجرد أني كنت رئيسا لديوان رئيس الجمهورية وهؤلاء لا يفهمون أن منصبي هذا كان منصبا اداريا وليس فيه أي سلطة في أي شأن من شئون الدولة وأنا اليوم اتوقع العدل والانصاف من جهاز الكسب ازاء كل ما أوضحته من أدلة تنفي تماما الزعم بأن ثروتي تضخمت من مصادر غير مشروعة.
هذا وقد أمرنا بإلقاء القبض علي المتهم واقفل المحضر عقب إثبات ما تقدم وقررنا الآتي:
أولا: يحبس المتهم زكريا حسين محمد عزمي خمسة عشر يوما احتياطيا علي ذمة التحقيقات علي أن يراعي له التجديد.
ثانيا: تخاطب الادارة المركزية لخبراء الكسب غير المشروع والأموال العامة لتشكيل لجنة ثلاثية علي أن نخطر بأسمائهم مع تكليفهم بالحضور لمقر الإدارة لتبليغهم مضمون مأموريتهم.
ثالثا: يطلب مشرف اعلانات الجمهورية ورئيس هيئة المجتمعات العمرانية لذات الجلسة وكذا المسئول عن مشروع تطوير البحيرات المرة بالإسماعيلية
رابعا: يطلب مدير الشئون المالية والإدارية بشركة النساجون الشرقيون.
خامسا: يطلب مهندس تنظيم حي مصر الجديدة.
سادسا: تطلب تحريات مباحث الأموال العامة التكميلية.

الجمعة، 23 سبتمبر 2011

من هو احمد شفيق

عزمي يستولي علي قطعة أرض مملوكة لعالم مصري

http://www.soutelomma.org/uploads/53771.jpg  عزمي يستولي قطعة مملوكة
http://www.soutelomma.org/uploads/53771.jpg  عزمي يستولي قطعة مملوكة
1. عزمي يستولي علي قطعة أرض مملوكة لعالم مصري ويزيل شاليها من عليها ويبيعها صوريا لزوجته ولمدير مباحث أمن الدولة
2. اللواء مصطفي كامل يسجل أرضا مغتصبة باسمه وأسماء أبنائه في نفس يوم تسجيل الأرض لزوجة عزمي..وبهية تزور تاريخ ميلادها وبياناتها في عقود البيع
3. أمين ديوان الرئيس المخلوع استصدر قرارا جمهوريا لتسهيل مهمته في نهب أراضي وضع اليد وأراضي الدولة المخصصة للمشروعات السياحية
4. هشام عزمي ابن عم رئيس الديوان شاركه تورته الفساد في مصر حيث تولي ملف تنظيم مصرلكأس العالم
تأخر محاكمة هذا الرجل وعدم تقديمه مكبلا للعدالة خطر علي مكاسب الثورة، ودليل دامغ علي عدم حصانتها من عبث النظام السابق، وعدوي فساد رجاله..
فلا تهمة تعديه تحول أمين أعلي مؤسسة في البلاد، إلي«لص» أراضي باسم الصلاحيات التي خولها له قربه من الرئيس وتحركه بكامل نفوذ الرئاسة..

**************************************************************************************
إنه زكريا عزمي رئيس ديوان الرئيس المخلوع، والذي كانت أول إطلالة له بعد سقوط رئيسه، إعلانا لمواصلة الصلف واستغلال النفوذ، باسم رئيس آخر هذه المرة هو المجلس العسكري..حين راح يفاخر بأنه لم يعد يعمل مع الرئيس مبارك وإنما يمارس عمله في ديوان الرئاسة بتكليف من القائد العام للقوات المسلحة «كأمين» علي مؤسسة الرئاسة لحين تسليمها لرئيس جديد..
لكن أي أمانة لرجل خان الأمانة آلاف المرات من قبل عندما تمتع بنفوذ كامل في حكم مصر وإدارتها من الباطن باسم "مبارك" وعائلته..
زكريا عزمي رئيس الديوان الذي كان يصطف أمامه الوزراء في طابور التمام وتحية العلم قبل زيارة الرئيس إلي أي موقع وكأنهم تلاميذ في طابور الصباح والويل كل الويل للسادة الوزراء إذا كان مزاج سيادته غير رائق.. الرجل قام بتفريغ الديوان الرئاسي من كل كوادره القديمة لينفرد وحده بالرئيس وهو يجيد تمثيل الأدوار الموكلة إليه..فهو يقف نهارا برلمانيا شامخا يصيح بأعلي صوته أن الفساد في المحليات وصل للركب والعبارة أصبحت هي القول الفصل في الإشارة للفساد في أي موقع..وسيادته يقف تحت قبة البرلمان ممثلا عن الحزب الوطني والذي يشارك سيادته في تعيين أعضائه بكل وظائف ومناصب ومقاعد المحليات الهامة التي منهجها الرشوة ودستورها الفساد والصحافة تكتب وأن عراب الحزب الوطني والنظام يهاجم الفساد بمنتهي الشفافية..بينما يقضي الليل ساهرا مع صديقه الصدوق ممدوح إسماعيل صاحب عبارات الموت وقرصان البحر الأحمر، فالرجل يساعد ابناء وطنه علي دخول الجنة يوم القيامة فهو يقوم باغراقهم بمجرد انهائهم مناسك العمرة والحج وحيث يكون الحاج أو المعتمر عائدا من المناسك خاليا من الذنوب كما ولدته أمه.
زكريا عزمي هو مهندس عملية إخراج ممدوح إسماعيل والد العبارة الغارقة اسلام98 إلي خارج البلاد وحتي لاتطوله يد العدالة مثلما كان هو ايضا صاحب الفضل في اضافة اسم ممدوح إلي قوائم المعينين في مجلس الشوري حتي يكتسب الرجل الحصانة التي تتيح له حرية الحركة وهو يمارس طقوس رياضة الفساد.. كما كان سببا في خفض درجة قضيته من جناية إلي جنحة.
وهو الذي وقف بكل قوة بجوار ابراهيم سليمان طوال 18 عاما ليبعده عن أي مساءلة برلمانية داخل مجلس الشعب فلم يناقش المجلس أي طلب إحاطة ضد سليمان والفضل للسيد رئيس الديوان..وحصل في مقابل ذلك علي قصر هائل في أرض المشتل، بالإضافة إلي قصر كبير في مارينا وفيلا في المعمورة، كما حصل علي شقة علي مساحتها 500متر في عمارة صديق سليمان وجدي كرار بجوار قصر البارون، وإلي جواره صفوت الشريف.
لن أتكلم عن سلوكه الشخصي وعاداته ولكن اتكلم عن دوره بجانب رئيس الدولة..نائب الدم الملوث ليس بعيدا عن زكريا عزمي مثلما كان وزير المياه الملوثة بالصرف الصحي والمواسير التي تنفجر بمجرد تركيبها.
عبدالله طايل رئيس اللجنة الاقتصادية الاسبق ونزيل السجون الآن في قضية نهب أموال البنوك ليس بعيدا عن عزمي..
سعيد الألفي رئيس اللجنة الاقتصادية لدورة مجلس الشعب السابقة وأخوه ابراهيم الألفي رئيس اللجنة الاقتصادية الحالية اصدقاء عزمي وهم يعملون لدي شركة امريكانا لصاحبها الخرافي..
هشام عزمي ابن عم رئيس الديوان وتعيينه كمسئول عن ملف المونديال وإهداره ملايين الجنيهات وحصولنا علي سفر كبير ليس بعيدا عن زكريا عزمي..
يوسف والي وقضية المبيدات المسرطنة وانهيار انتاج مصر من المحاصيل الزراعية الهامة كالقمح والقطن مثال واضح..
ممدوح مرعي الذي جاء به وزيرا للعدل ليستعدي النظام ضد القضاة وناديهم واختيار معظم الوزراء من رجال الاعمال ليختلط المال العام بالخاص مثل رشيد ومصانعه ووزارة الاستثمار والجبلي ومستشفي دار الفؤاد وأكياس الدم ووزارة الصحة ومنصور ووزارة النقل ومصانعه كل هذه أمثلة لوضع الرجل غير المناسب في المكان الهام وكلها ليست بعيدة عن ايدي رئيس الديوان واخطر رجل في مصر زكريا عزمي.. ارقام قياسية تنفرد بها مصر في العهد الحالي..
مجموعة "ضباط ضد الفساد" اتهمت أول ما اتهمت عبر صفحتها علي موقع الفيس بوك، قبل أيام، صاحب مقولة "الفساد بقي للركب" بالاستيلاء علي 800فدان بقرية الخطاطبة بمحافظة المنوفية من أجود الأراضي الزراعية بسعر جنيه واحد للمتر.
وقالوا إن المحافظ الأسبق للمنوفية اللواء حسن حميدة سهل له هذا الاستيلاء غير الشرعي علي أراضي الدولة.
وطبقا لما ذكره "ضباط ضد الفساد" فإن رئيس ديوان رئيس الجمهورية حصل علي فدان الأرض الزراعية بأقل من 4500 جنيه في حين أن سعر قيراط الأرض - طبقا لأهالي المنطقة - يتجاوز 12 ألف جنيه في أقل التقديرات ، ما يعني أن سعر الفدان يصل في هذه المنطقة إلي 288 ألف جنيه .. أي أن عزمي حصل علي الأرض بأقل من 1% من قيمتها وبواقع 3 ملايين و500ألف جنيه في حين أن قيمتها الحقيقية تتجاوز 230مليون جنيه.
المنوفية لم تكن وحدها مسرحا لعمليات النهب التي قام بها عزمي لأراضي الدولة، كما لم يكن حسن حميدة وحده من سهل هذه العمليات..
الإسماعيلية كانت مسرحا لعمليات أكثر إهدارا لثروة مصر من الأراضي علي يد هذا الرجل،ومحافظها الأسبق عبد المنعم عمارة لم يختلف كثيرا عن زميله حميدة في نفس الدور..دور تسهيل وضع اليد علي أراضي الدولة لرجل الرئيس المقرب زكريا عزمي.
في هذه القصة التي تفتحها" صوت الأمة" بالمستندات فضيحة أخري لم يسبق لأحد كشفها،صاحبت واحدة من عمليات نهب الأراضي التي قام بها عزمي باسمه واسم زوجته بهية حلاوة المحررة بجريدة الأهرام، فقد وضعنا أيدينا علي مستند يثبت قيام عزمي وزوجته بجريمة تزوير خلال واحدة من عمليات سلب الأراضي..حيث قاما بتزوير تاريخ ميلادها وبياناتها في واحد من عقود تخصيص الأراضي التي استحوذ أمين ديوان الرئاسة به علي أرض مملوكة لمواطن لم يجد من ينقذ أمواله وأرضه من يد الرئاسة وممثلها طوال 23 عاما.
صاحب هذه القصة هو الدكتور محمد عزت معروف رئيس الاتحاد العربي لصناعات الحديد والصلب سابقا،وتبدأ قصة معاناته مع الريس زكريا في أبريل عام1988حين تقدم بطلب للدكتور عبدالمنعم عمارة محافظ الإسماعيلية في ذلك الوقت بصفته رئيس جهاز تنمية البحيرات المرة لتخصيص قطعة أرض بمنطقة لسان الوزراء بابو سلطان، كان يضع يده عليها، وقدم شهادة من الضرائب العقارية ببناء شاليه عليها برقم234بناحية أبوسلطان بتكلفة زادت علي90ألف جنيه إلا أنه سافر في مأمورية عمل خارج مصر لمدة شهرين وبعد عودته فوجئ بهدم الشاليه، والاستيلاء علي محتويات الأرض من حديد تسليح ومواد مشونة ، وتخصيص الأرض للدكتور زكريا عزمي باسم زوجته بهية سليمان حلاوة واللواء مصطفي كامل مدير مباحث أمن الدولة فقام بتحرير محضر شرطة برقم70لسنة1988،وقرر اللجوء للقضاء بإقامة الدعوي رقم2604لسنة11ق، أكد خلالها تقرير الخبراء أن المدعي عليهما زكريا عزمي ومصطفي كامل لم يكن لهما ربط لأي جزء من عين النزاع في حين قام «عمارة» بتسجيل الأرض باسميهما في وقت قياسي شهرين دون أي مستندات كما جاء في عقد التسجيل ليسد الطريق تماما علي صاحب الدعوي لاستعادة أرضه.
حيث قام عزمي بتسجيل القطعة باسم زوجته بهية عبد المنعم سليمان حلاوة وعنوانها 138شارع الميرغني بمصر الجديدة برقم 1177 بتاريخ 30 يوليو 88بشهر عقاري فايد ، وقام اللواء مصطفي احمد كامل بالتسجيل برقم 1176بنفس التاريخ بأسماء مصطفي أحمد كامل وأبنائه سحر وخالد وزوجته ألفت محمد، باعتبار قيمة القطعة 16ألف جنيه فقط، دفع منها أربعة آلاف جنيه وبالباقي بالتقسيط المريح بينما القيمة الحقيقية للأرض المسلوبة تزيد علي 220 ألف جنيه في ذلك الوقت.
سارع معروف لرفع مذكرات لسكرتير الرئيس للمعلومات في ذلك الوقت مصطفي الفقي بمضمون القصة، كما تقدم ببلاغ للمدعي العام الاشتراكي، ولما يئس من الاستجابة بأي تحرك قانوني ، راح يناشد ابراهيم نافع رئيس تحرير الأهرام بنشر شكواه ولو في شكل إعلان مدفوع الأجر، إلا أن الصمت التام كان رد الفعل الوحيد الذي تلقاه من نافع، ما اضطره لإرسال خطاب عتاب للصحفي الهمام يبلغه فيه بصدق نصيحة الأديب الكبير يوسف إدريس له عندما تساءل ساخرا عاوز ابراهيم نافع يخسر مديرأمن الدولة عشانك.
لم يسكت رجل العلم عند هذا الحد فمضي في إجراءاته القضائية واتهامه لعبدالمنعم عمارة وموظفيه في ذلك الوقت بمجاملة عزمي وكامل، إلا أن جريمة أخري كانت تتم لقطع الطريق علي الرجل لأخذ حقه في القضية، حيث نص قرار رئيس الجمهورية رقم 465لسنة1983 باعتبار هذه الأرض المحيطة بشواطئ البحرين الأبيض والأحمر والبحيرات المرة حتي مسافة200متر مخصصة للنفع العام، مايعني أن تسجيل الأرض للمسئولين باطل، الأمر الذي دفع عمارة لمطالبة زكريا عزمي باستصدار قرار من الرئيس مبارك باستثناء الأرض الواقع عليها مخصصات الوزراء من قراره الأول، وبالفعل صدر القرار الجمهوري رقم448لسنة1991 باعتبار الأرض المذكورة من أملاك الدولة الخاصة ويطبق بشأنها القوانين المختصة بهذا الشأن.
لم يعترف القرار بالمادة158من الدستور التي تحرم علي الوزراء شراء شئ من أملاك الدولة أثناء توليهم مناصبهم كما أنه مخالف للقانون رقم34لسنة 1984حيث تنص المادة رقم 115مكرر «كل موظف عام تعدي علي أراض زراعية أو فضاء أو مبان مملوكة للدولة أو لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو لوقف خيري أو شغلها أو انتفع بها بأي صورة من الصور يعاقب بالحبس أوغرامة لا تتجاوز ألفي جنيه، ويحكم علي الجاني برد العقار المكتسب بما يقوم عليه من مبان أو غرس أو برده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء علي نفقته فضلا عن رد ما عاد عليه من منفعة نتيجة وضع اليد غير القانوني.الحكومة دافعت وقتها عن تخصيص الأرض بأنه يسهل تصريف أمور الدولة وتنفيذ سياستها أثناء إجازات السادة الوزراء والمسئولين بأجهزة الدولة المختلفة، حيث يمكن لرئيس الوزراء الاجتماع بوزرائه علي هذا اللسان إذا تعذر الاجتماع بهم في مقر مجلس الوزراء بالقاهرة، وأن الدولة بصفتها المالكة للمساحة محل النزاع من حقها التصرف بمنحها لمن تشاء من الأشخاص وأن لها حرية انتقاء واختيار الأشخاص الذين يتم لهم التصرف والتخصيص من أملاكها، وأنه لا يسوغ للمدعي أن يطالب بحشره في زمرة من تم التخصيص لهم من الوزراء طالما أنه ليس منهم وأن عليه أن ينتظر دوره بين عامة المواطنين.
يوسف والي انضم إلي مهمة تسهيل الاستيلاء علي الأرض ومنحها لكبار رجال مبارك وعلي رأسهم زكريا عزمي، فقام بتمويل لسان الوزراء من ميزانية الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية وفق قرار رئيس الجمهورية رقم465 لسنة1983باعتبار الأرض ملكية عامة تابعة لوزارة الزراعة وفق القرار الوزاري رقم1235لسنة 1986،قبل أن يصدر القرار الوزاري رقم1132لسنة88 بتحويل المنطقة المذكورة من ملكية عامة تابعة لوزارة الزراعة إلي ملكية خاصة، مفوضا مدير زراعة الإسماعيلية في التوقيع كطرف أول علي عقود التخصيص، التي أبرمت مقابل ثمن بخس بلغ35جنيها للمتر أسوة بالمشروعات السياحية بنفس المنطقة،رغم أن هذه المنطقة لايوجد بها مشروعات سياحية ليكون الوزراء وكبار القوم علي راحتهم تماما، حيث إن أقرب منطقة سياحية وهي منطقة أبو سلطان كان متوسط سعر المتر وقتها ألف جنيه.
ولنرجع إلي طلبات الشراء التي قدمها عزمي للاستيلاء علي أرض "معروف" باسم زوجته بهية عبدالمنعم سليمان حلاوة، والذي تميز بأنه غير مؤرخ بالمخالفة لعرف طلبات الشراء الرسمية والتي وقعت بها جريمة التزوير حيث أن تاريخ ميلادها المدون في طلب الشراء هو 11مايو عام 1947 يختلف عن تاريخ ميلادها المدون في إقرار الشراء وهو 26يونيو 1938ورغم الثمن البخس للأرض تم عمل أوكازيون بخصم 10% لزوجة زكريا عزمي ليصبح سعر الأرض3819جنيها و375 مليما، علما بأن وضع اليد لا يجيز التعدي علي الأملاك الخاصة المملوكة للدولة، وفي حالة التعدي فإن الوزير المختص له حق إزالة التعدي إداريا،كما لايجوز تملكها بالتقادم وفق المادة970من القانون المدني المعدلة بالقانون رقم55لسنة1970فضلا عن مخالفة المادة158من الدستور التي تحرم علي الموظف العام أثناء توليه منصبه أن يشتري أو يبيع شيئا من أملاك الدولة.
أرض معروف لم تذهب لبهية حلاوة وزكريا عزمي وحدهما فقد تم تفريقها بين القبائل..وعلي رأسها مباحث امن الدولة ورئيسها في ذلك الوقت اللواء مصطفي كامل الذي أبرم عقدا مع شركة المقاولون العرب تقرر فيه قيام الشركة ببناء شاليه علي الأرض تسليم مفتاح. بسعر 180جنيها رغم أن سعر متر التشطيب في ذلك الوقت لم يقل عن2500جنيه كما يوجد بجانب هذا الأوكازيون خطاب من شركة المقاولون العرب بإنهاء تراخيص البناء ودفع الرسوم المقررة وتوصيل الكهرباء، والمياه.
ويؤكد الدكتور عزت معروف أن عددا من الوزراء والمسئولين قاموا بالاستيلاء علي هذه الأرض وتخصيصها بثمن بخس، ومن بينهم الدكتور كمال الجنزوري الذي أرسل خطابا إلي محافظ الإسماعيلية وقتها يشير فيه إلي قطعة الأرض التي يضع يده عليها بمنطقة لسان الوزراء،لتكون باسم زوجته رأفت أبوالدهب فرغلي وسوزان ومني كمال أحمد الجنزوري مع طلب الموافقة علي إعفائه من سداد الإيجار المتأخر خلال الفترة من تاريخ التسجيل حتي تقديم الطلب، كما حصل الدكتور عاطف عبيد علي قطعة أرض وضع يد ثم تنازل عنها وأخذ مبلغا من المحافظة ثم قام بشراء قطعة أخري بحجة أنها تحت يده.
الدكتور عزت معروف لم يجد طريقا واحدا لإبلاغ صوته للعدالة واستعادة أرضه المغتصة في وضح النهار طوال عهد مبارك وعصابته ، حتي عاد إليه الأمل مع نسيم الثورة ، فراح يستعيد أنفاسه ويستنفر قواه التي خارت مع تطاول زمن الظلم ، ليشهر سلاح حقه في تلك الأرض مطالبا بعودتها إلي حوزته، بعد سرقتها وضمها إلي حيازة ثلاثة من الكبار منذ عام 88 وحتي الآن، بمستندات مزورة.


أوراق الرجل مليئة بالمفاجآت وأدلة الفساد الذي بدأ مبكرا في عهد النظام السابق ، كما انه شاهد عيان علي واحدة من أكبر عمليات نهب الأراضي التي تمت في المنطقة المعروفة بلسان الوزراء، وكان ابطالها نخبة من رموز الحكم والفساد في عهد مبارك إنها إقبال محمد عطية حرم صفوت الشريف وزينب محمد الفولي حرم أحمد فتحي سرور ونجد محمد خميس حرم عاطف عبيد، وكمال الجنزوري رئيس وزراء مصر الأسبق وحرمه وكريمته، وزكي بدر وزير الداخلية الأسبق، ومحمد عبدالوهاب وزير الصناعة الأسبق وخالد وحازم نجلا محمد راغب دويدار وزير الصحة الأسبق، واللواء جمال الدين عبدالعزيز سكرتير رئيس الجمهورية السابق، ومحمد ونعمة الله نجلا ماهر أباظة وزير الكهرباء الأسبق، والدكتورأحمد عواد، ومني صلاح الدين المنيري حرم محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان الأسبق، التي أعتصبت أرض السيدة فاطمة حسن عباس وضمتها إلي أرضها بمشاركة وزير الكهرباء السابق ماهر أباظة يومها صرخت السيدة فاطمة في استغاثة لجريدة الوفد كان عنوانها أن الأرض كالعرض ولذلك سميت سرقة الارض اغتصابا.
والمستشار عبدالقادر أحمد علي المدعي الاشتراكي الأسبق، والمحافظ محمد نور الدين عفيفي، وعبدالقادر عبدالوهاب بهيئة الرقابة الإدارية، وحسن عبدون رئيس اتحاد الكرة السابق، وعلي سعدة شقيق إبراهيم سعدة رئيس تحرير أخبار اليوم السابق، وغيرهم من كبار الوزراء المسئولين والمحظوظين الذين حرروا عقود الأرض بأسماء زوجاتهم وأبنائهم ظنا منهم أن هذا يعفيهم من تهمة الاستيلاء علي أراضي الدولة واستغلال النفوذ.
في النهاية نستطيع أن تقول أن ز كريا عزمي هو من أهم رؤوس الفساد في مصر أو الرجل الذي أفسد مبارك وعائلته فهو عراب النظام.

هيكل في حوار بصراحة مع الأهرام‏:‏** الجزء الاول***

هذا ليس حوارا مع‏'‏ الأستاذ‏'‏ هيكل بقدر ما هو قراءة في عقل وفكر كاتب ومفكر ومؤرخ مهموم بالمستقبل الذي لن يشارك فيه‏'‏ وفق تعبيره الخاص‏'.
الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل
الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل

غير أنه لا يملك ترف الصمت عليه أمام ما يحدث من ارتباك في المشهد السياسي في مصر بعد ثمانية أشهر من الثورة وليس غريبا, وقد التقينا الأستاذ في مكتبه الذي يزدان بعدد هائل من خرائط مصرالنادرة, أن تكون الخريطة حاضرة في الحوار الذي أجريناه مع الكاتب الكبير, وفيه يقرأ المشهد المصري والمشهد الإقليمي والمشهد العالمي علي إيقاع الخريطة.
عندما أشار الأستاذ إلي محاولات إعادة فرض الهيمنة في المنطقة أمسك قلما وراح يرسم خريطة للمشهد, والقوي الفاعلة فيه.
والأمر نفسه تكرر عندما جاء الكلام عن فلسطين وأهميتها بالنسبة للأمن القومي المصري, حيث عاد الكاتب الكبير إلي طريقته المفضلة, وهي التفكير بالخريطة, وهو منهج عقلي لايجيده سوي الذين يتقنون قراءة الثابت الجغرافي والمتغير التاريخي ويعرفون سر الخريطة ودروسها والعلاقة الوثيقة بين التاريخ والجغرافيا.##
ويعرف الأستاذ أن الإجابات سابقة التجهيز لم يعد لها محل من الإعراب السياسي بعدما انفجر المشهد في صخب لم يحدث من قبل, ولذلك تجيء كلماته هنا- وهو يقوم بالإجابة عن الأسئلة- فواتح لأسئلة أخري, لأنه يؤمن بالمقولة الشهيرة إن السؤال الصحيح هو نصف الطريق للإجابة..
ولذلك يحرضنا في حديثه علي طرح مزيد من الأسئلة, ربما ندرك الحقائق بدلا عن الأوهام التي سادت بعد انتصار الثورة بسبب النصر السريع الذي تحقق.##
الأستاذ يعود كعادته إلي التاريخ, إذ لا يؤمن بالقطيعة الكاملة, وربما الجاهلة, مع معطيات التاريخ وتراكم التجربة الإنسانية.
كما قلنا في البداية هذا ليس حوارا بقدر ما هو قراءة متسائلة تتم علي مستويين: الأول, رؤية يطرحها الأستاذ
هيكل علي الوطن وعنه. من خلال الأهرام كمقدمة لحوار نعتقد أنه سوف يستمر طويلا, والمستوي الثاني, هو الحوار الذي نحاول فيه طرح أسئلة عليه لتوضيح ما قد يستغلق من رؤي حول المشهد.
الأستاذ قدم رؤية شاملة وعميقة وتحدث وفتح بوابة الأسئلة علي فضاء المشهد المصري والإقليمي الراهن وتداعياته..
في مكتبه الأنيق المزين بلمسات جمال راقية تضفي علي المكان دفئا زاده دفء اللقاء وعلي مرأي ومسمع من نهر النيل الذي يبدو مطمئنا من شرفة المكتب.. جري نهر الحوار متدفقا وبدا الأستاذ في لياقة جسدية و ذهنية يحسد عليها, وتجلت لأسرة الأهرام إضاءاته العقلية أكثر وأكثر عندما بدأ مقدمة الحوار قائلا:
قبل أن أبدأ بالحديث معكم في قضايا اللحظة الراهنة, أريد أن ألفت نظركم إلي أنني أقتصد إلي أبعد مدي ممكن في الكلام لسببين:
السبب الأول: إنني لا أريد أن أقاطع نقاشا يجريه أطراف جيل جديد مع بعضهم, وإنما أعترف دون تحرج بأنني أتابع عن قرب أحوال العصر, لكني ببساطة من جيل آخر, وهذه حقيقة عمر, وأنا رجل مهتم بمستقبل بلدي, ولكني أعرف أنني لست طرفا في هذا المستقبل, خصوصا سياساته, فالسياسة تدبير, والتدبير لا يكون إلا لمستقبل, وكل مستقبل له أحوال وتضاريس ومناخ, والذين يعيشون فيه هم الأقرب إلي حقائقه, والأقدر علي رسم خرائطه.
والسبب الثاني: إنني لا أريد أن ألح علي التواجد في الصحافة المصرية إلا بقدر وبحد, وكثيرون منكم يعرفون وأولهم صديقي القديم وزميلي السابق لبيب السباعي أنني عندما تركت الأهرام سنة1974 لخلاف مع الرئيس السادات حول الإدارة السياسية لنتائج حرب اكتوبر, كنت أعرف من حقائق الأشياء ومن طبائع الأشياء أنني لا أستطيع أن أمارس حريتي في مصر إلا في إطار ما تسمح الطبائع والحقائق, وكذلك فإنني مع بقائي طول الوقت في مصر مارست عملي وبالتالي حريتي بالكتابة والنشر في الصحافة الدولية خارجها, وكذلك كان!!##
ثم حدث مع التحولات الكبري في السياسة المصرية, وأيضا الخارجية أنني وجدت نفسي مشدودا للحديث والكتابة في مصر, وتحدثت وكتبت مرة أخري في مصر وقت الرئيس السادات, وكتبت معارضا ملحا في المعارضة لسبب لم ينتبه إليه كثيرون, وهو ظني بأنني قمت بدور أساسي في مجيء السادات رئيسا بعد رحيل عبد الناصر, وبدور كذلك في تأييده في ظروف أحاطت بمصر أيامها, ثم إن ذلك جعلني أستشعر مسئولية أدبية ألحت علي بداع أو بغير داع, وكذلك فإن معارضتي لسياسات الرئيس السادات كانت ظاهرة, ومن سوء الحظ أن بعضهم تصورها تصفية حسابات, بينما الحقيقة أنه لم يكن بيني وبين الرجل حسابات تصفي, فقد كان علي المستوي الشخصي والإنساني صديقا حميما, وكنت بالنسبة له كذلك, وأشهد أنه حاول والسيدة قرينته شاهد أن يحتفظ بي قريبا منه بكل الطرق, ولكن المستجدات في سياسته كانت فجوة أكثر اتساعا من أي شيء آخر, وانتهي الأمر به بعد سبع سنوات من معارضتي لسياساته إلي وضعي في السجن مع نخبة من ساسة مصر ومفكريها ضمن حملة اعتقالات مشهورة في( سبتمبر1981).
ويستغرق الأستاذ
هيكل في لحظة سكون كأنه يستجمع سبل الدخول إلي عصر مبارك ويستطرد قائلا:
حين جاء الرئيس حسني مبارك خلفا لـ السادات, فإن واحدا من أول قراراته كان الإفراج عن المعتقلين, ولقاء جماعة منهم حين خروجهم, ولقاء بعضهم فرادي معه بعد ذلك, وكنت واحدا ممن انتقاهم وجلست معه بمفردنا يوم السبت الثاني من ديسمبر1981 لمدة ست ساعات متواصلة, وقد تحدثت معه بقلب مفتوح في كل ما سألني عنه, وكان الرجل للأمانة راغبا في صلة بيننا, وكان بين عروضه تساؤل: إذا كنت لا تريد أن تعود للصحافة المصرية, فلماذا لا تجيء للعمل في الحزب الوطني؟! وأدهشني كلامه, وقلت له: إن اختلافي مع الرئيس السادات لم يكن شخصيا, وإنما خلاف جوهري عن السياسة المصرية وتوجهاتها الطارئة في حرب أكتوبر, وهذه السياسات مستمرة لم تتغير, وكذلك لم يتغير موقفي, وقلت له إنني وربما غيري نريد أن تترك له الفرصة ليدرس بنفسه ويتقصي ويتخير ما يري, لأن كثيرين بقلوبهم معه يرون أن البلاد بعد عاصفة الدم التي أدت إلي اغتيال الرئيس السادات, وصاحبته, وموقف الاغتيال ترتب له حقا في فترة سماح يتيح له ما تحتاجه مصر من تهدئة تحافظ علي السلم الأهلي وتحمي الوحدة الوطنية في كافة مواضعها.
وظللت بعدها علي اتصال ودي متقطع به, وأغلبه علي التليفون, أو عن طريق أسامة الباز الذي كان ضمن هيئة مكتبي لزمن طويل, ثم أصبح مدير مكتب الرئيس حسني مبارك ومستشاره فيما بعد.
وبعد مرور عام كامل أي في سبتمبر1982 طلب مني رئيس تحرير المصور وقتها وصديقي وزميلي الأستاذ مكرم محمد أحمد أن أكتب عن مبارك بعد سنة, وكتبت بالفعل مجموعة مقالات علي شكل خطابات مفتوحة, وجاءني أسامة الباز باسم مبارك يسألني عن تأجيل النشر, لأن النشر يحرج الرئيس بشدة في هذه الظروف, ووافقت, وإن كنت سألت أسامة إذا كان الرئيس قرأها, فرد بالإيجاب, وقلت إن ذلك يكفيني لأنه عرف رأيي, ورأي ما أتحدث فيه من وجهة نظري, وفي كل الأحوال لست أطلب إحراجه.
وقد بقيت هذه المقالات الست محظورة حتي نشرتها في جريدة المصري اليوم, وكانت محاولة تقييم لسياسات الرجل, وفيها تحدثت عن ملامح فساد يزيد, وعن تصرفات وأخطاء تتراكم, وعن بطء في القرار له خسائره, وعن صلاته بالعالم العربي مضطربة, وعن علاقاته بالعالم الخارجي ينقصها التوازن.
ولزمت الصمت فترة, ثم عدت بدعوة من الأستاذ إبراهيم سعدة فكتبت مجموعة مقالات لـ أخبار اليوم, وقد أخذت أتحدث فيها عن صنع القرار في مصر في عهد مبارك.
وأثارت المقالات وقتها غضبا توجه معظمه إلي الأستاذ إبراهيم سعدة, وأوقفتها بعد مقالين, حرصا علي الرجل, وقد كانت أمامه في ذلك الوقت فرصة لتولي رئاسة مجلس إدارة الدار.
ولزمت الصمت مرة أخري.
وفيما بدت بعض علامات الأسي علي وجه الأستاذ قال:
كان اعتقادي يتزايد مع الأيام بأن حركة وثورة العصر الحديث تطرح مستقبلا جديدا مع جيل آخر في زمن مختلف.
لكن تردي الأحوال مع تراكم السنين وأثقالها في عهد مبارك كان يدعو كل مواطن إلي أن يقول كلمة إذا واتته فرصة, وكذلك كتبت, ثم حدث أن بدأت الرقابة تطول بعض ما كتبت بالحذف سطرا هنا وسطرين هناك.
وتصادف وقتها أنني تعرفت مباشرة علي السرطان, وبسببه أجريت عملية جراحية كبري في الولايات المتحدة الأمريكية, لكني بعد الجراحة تأكد لي ما كنت لمحته, ورحت أراقب من أول سنة2000 أن ملامح توريث قادمة علي الأفق, ورأيت أن أطرحها صراحة في محاضرة في الجامعة الأمريكية يوم14 أكتوبر2002, وأذيعت المحاضرة وتكررت إذاعتها علي قناة دريم, ولم ينتبه أحد في البداية, لأن الكل كانوا في مناسبة افتتاح مكتبة الإسكندرية, وحين تنبهوا للمحاضرة انقلبت الدنيا رأسا علي عقب, وأغلقت كل المنافذ والنوافذ, وكذلك رأيت أن أعلن علي الناس اعتزالي الكتابة والصحافة في مصر, ثم انهمكت بعدها في أحاديث عن تجربة حياة, رحت أتحدث فيها من قناة الجزيرة.
وخلال أحاديث تجربة حياة لم يكن هناك مفر من إشارات كثيرة إلي الواقع والراهن في مصر, وشدني ذلك بين الحين والآخر إلي أحاديث مع صحف مصرية كثيرة.
وكان واضحا أمامي مع تقدم السنوات الأولي من الألفية الجديدة أن الأوضاع في مصر علي طريق مسدود, فالسياسة المصرية في السنوات العشر الأخيرة لم يعد لها مطلب غير التوريث, وقد تكيفت كل السياسات طبقا لهذا المطلب, وتعطلت مصر إلي درجة أصبح فيها التغيير واجبا, وبدا فيها أن التغيير قادم.
وفي شهر نوفمبر2009 أجريت حديثا مطولا مع الأستاذ مجدي الجلاد نشره المصري اليوم, وكان الحديث عن الترتيب لانتقال السلطة, لأن النظام أحكم الأمور, واقترحت مجلس أمناء للدولة والدستور يستوفي ترتيب الانتقال من زمن إلي زمن, ومرة أخري وليست أخيرة ثارت العواصف, ومرة أخري وتلك ظاهرة مستجدة علي الصحافة المصرية بدأت مع نهايات عصر السادات لم يكن هناك رأي يرد علي رأي, أو حوار يدور علي فكرة, وإنما تجاوزات يفقد بها الحوار قيمته, وتنتحر فيها الأخلاق والمعاني وحتي الألفاظ!!
وحينما خرج الشباب في مطلع ثورة25 يناير2011, وحين خرجت كتل الجماهير معهم وحولهم تعطي لبشائر الثورة حجمها الحقيقي, وحين اتخذت القوات المسلحة موقفها الأصيل, وجدت نفسي أكتب كل يوم تقريبا, وما كتبته وقلته لايزال ماثلا في الذاكرة لا داعي للعودة له بالتفصيل.
وبعدها وجدت من الحق ترك المستقبل لأطرافه والمتابعة من بعيد.
وبرغم طلبات متكررة من أصدقاء من نجوم الصحافة والتليفزيون, فقد آثرت أن أترك الشهور دون مقاطعة, بل إنني طوال شهر أغسطس, وقبله, وبعده بأيام آثرت أن تكون متابعتي للشأن المصري من بعيد, وقضيت خمسة أسابيع كاملة, متنقلا بين مدن وعواصم أوروبا حتي انتهيت في الجزء الأخير من رحلتي أن أقصد إلي لندن, وهي في ظني أهم مركز للمراقبة والاستماع والحوار في كل شئون العالم في هذه الساحة الدولية الحافلة.
ثم عدت قبل أيام وطرح الأستاذ لبيب السباعي فكرة لديه بحوار مع الأهرام, يستكمل حوارا سابقا مطولا أجريته معه قبل خمسة أشهر, وكان قد طرح الفكرة قبل سفري, ورجوته تأجيلها إلي ما بعد عودتي.
ولقد رأي الأستاذ لبيب السباعي ورأيت معه أن يكون الحوار موسعا, وذلك يسعدني, وها أنا معكم اليوم وإن علي استحياء, والسبب كما قلت لكم من الأول, وهو أن المستقبل له أصحاب أولي بالحديث عنه, من رجل مثلي, قالوا ويقول إن مستقبله وراءه, فهو ليس طرفا فيه, لكن هذا المستقبل يعنيه.
بهذا المنطق أتحدث معكم فيما تشاءون!!
وبتواضعه المعتاد قال: بإذنكم أقدم إيضاحا أقول فيه إنني مبكرا قصدت أن أبتعد عدة أسابيع من الصيف خارج مصر وذلك ما فعلته, وضمن طلبي أن أطل علي الصورة من بعيد, وأن أقابل آخرين غير من نقابلهم في مصر, ونختبر ما يفكر فيه من هم خارج الصورة, مع ما نفكر فيه, نحن من داخلها.
وحين عاتبني بعض الأصدقاء متسائلا عما إذا كان ذلك هو الوقت المناسب للغيبة, كان ردي أن وسائل العصر الحديث لا تفرض الغيبة علي أحد حيثما كان, لأن الساحات كلها مفتوحة, والطرق كلها واصلة, والأخبار والأحداث والتصورات تسافر بأسرع مما تسافر الطائرات.
ثم إننا يجب أن نستكشف جوانب أخري من الصورة يعرفها غيرنا بأكثر مما نعرفها نحن.
وكنت أضيف أنه في أغلب الأحيان لن يطرأ جديد, لأن الأحوال في مصر معوقة, داخلة في شبه مأزق يحتاج إلي جسارة فكر وفعل.
وحين عدت بعد غياب ستة أسابيع, رحت أتقصي وأبحث ما فاتني, وتبدي لي أن ما جري كان قريبا مما توقعته, مع إضافات في التفاصيل لا تغير كثيرا من الصورة العامة, ولعل أهم ما حدث في غيابي, وقد شاهدته كما شاهده الملايين غيري علي شاشات التليفزيون هو ظهور الرئيس السابق حسني مبارك في قاعة المحاكمة, ممددا علي سرير طبي, ويداه معقودتان علي وجهه معظم الوقت, يريد تغطيته قدر ما يستطيع, وعيناه تلتفتان خلسة للنظر إلي ما حوله.
وساءلت نفسي عشرات المرات وأنا جالس أمام التليفزيون في أحد فنادق سردينيا: لماذا قبل الرجل لنفسه هذه المهانة؟! وكان في مقدوره أن يمتنع عن حضور المحاكمة؟! ثم لماذا رضي لنفسه أن يجلس علي هذا السرير؟! وأنا أعرف أنه والحمد لله قادر علي المشي, وعلي الجلوس بما يلائم وضع رجل حكم مصر ثلاثين سنة, كذلك أدهشني أن الرجل عندما رد علي المحكمة, رد كأي متهم عادي, كموظف سابق متهم بالاختلاس مثلا, ولم يحاول والميكروفون في يده أن يقول كلمة مشرفة للتاريخ, يعتذر يشرح يسجل ينطق بكلمة يحترم بها نفسه.
ولم أجد تفسيرا إلا أن الرجل يتصرف في إطار معين في ذهنه لا يحسن إليه, ولا يحسن إلي غيره.
إيضاح أردت أن أمهد به لما أعرض عليكم, باعتباره وقفة أمام مشهد كبير من موقع رجل يتابع من مسافة يريدها, عن اعتقاد بأنه في البداية والنهاية مستقبل وطن يهمه أمره, لكنه هو نفسه ليس فاعلا في هذا المستقبل, بوضوح لأن هذا المستقبل له أصحابه الأكثر اتساقا مع زمانه!!
>>>
وعقب لحظة صمت بادرت الأهرام بسؤاله.. بماذا تعلق علي وصف المجلس العسكري أن مصر في محنة ؟
ورد الاستاذ:
' المجلس الأعلي للقوات المسلحة' وأنا أفضل هذه التسمية علي الوصف الشائع بأنه' المجلس العسكري' علي حق تماما حين قال في آخر بياناته إن الوطن في محنة, وهذا صحيح لسوء الحظ, ولنأمل وندعو أنها محنة من نوع موجات الخماسين. والخماسين موعدها الربيع في الطبيعة كما نعرف والآن في السياسة كما نري.
لكني أتوقف لحظة أمام أوصاف هذا المجلس, وأعتقد بوجوب التوقف طويلا وطويلا جدا أمامها! للتدقيق والتساؤل, لسبب أساسي واضح هو أن وصف' المجلس الأعلي للقوات المسلحة' يوحي بأنه تكليف بمهمة, ووصف' المجلس العسكري' يوحي بأنها قبضة سلطة!!
وهذه ليست مسألة ألفاظ, ولكنها مسألة نافذة في العمق, لأن اللفظ دلالة معني.
أي أنه إذا كان المجلس مكلفا بمهمة وليس ممسكا بقبضة سلطة, فلابد هنا من تحديد لا يحتمل الالتباس. ومن وجهة نظري فإن التكليف بمهمة أصدق وأدق في وصف المجلس, واعتقادي أن المهمة هي أمانة شرعية الدولة بتوجيه من الشعب في لحظة من تاريخه شديدة الخطر وشديدة التأثير في المستقبل.
وفي ظني أيضا أنه حدث في وقت من الأوقات علي مسار الثورة خلط قاد إلي مشكلة نحن فيها الآن.
المشكلة التي أتحدث عنها هذه اللحظة ليست الاضطرابات التي وقعت ليل الجمعة الماضي, وتناقضت مع مليونية' تصحيح المسار' كما وصفها أصحابها, فقد سارت تلك المليونية كما أريد لها, نظيفة عفيفة حتي نزل الليل, فإذا غيرهم يخرج من المجهول, وإذا الأحوال تنقلب!!
والمشكلة ليست في الاعتصامات والإضرابات والمطالب التي زاد عددها, وأربكت العمل الوطني وعوقت حركته.
ولا هي في كل هذا الهدر العقيم في تيه الفضائيات, وصخب الأحزاب في الاجتماعات والمؤتمرات, وبهرجة عناوين الصحف بالأسود والأحمر والأخضر, وهدير المظاهرات في الشوارع والميادين.
كل ذلك من أعراض خلط بدأ أساسا في التفكير والتوصيف, قبل أن يظهر في الفعل والتصرف.
وإذا أردنا تحليل المقصود فإن الأمر يقتضي عودة إلي ما جري, وذلك ما يقول به العقل من أنه إذا اختلطت علي الناس أمور, فإن أول الحل تفكيك الموضوع إلي عناصره الأولي, ومن بداية وقوعه, وهذا يقتضي عودة إلي ما جري بالضبط, وكيف جري؟! وكيف تشابك وتعقد حتي وصل بعد مائتي يوم من قيام الثورة إلي هذا الحال الذي نراه حولنا ويقلقنا, ومن الحق أن يقلقنا إلي درجة الرعب من تداعياته إذا نحن تركنا تفاعلاته دون درس وفحص.
دعوني أطرح عليكم محاولة رؤية, ثم نتناقش كما تشاءون.
أولا: أتصور أننا جميعا متفقون علي أن مصر شهدت في يناير وفبراير من هذه السنة(2011) حدثا لا مثيل له في روعته وجلاله, فقد ظهرت فيها وتجلت ثورة مدهشة للعالم وللأمة ولها أعني لمصر نفسها وكانت حركة هذه الثورة مما لا يصدق, وكان أطرافها الفاعلون مباشرة ثلاثة:
> أولا: شعب كان يتململ ضيقا بأحواله, وبما يري حوله من آثام ومظالم ويبحث عن خلاص, لكنه حائر في كيف يتحرك؟! وبمن؟!!
> ثانيا: هذا الشعب وجد طلائع من شبابه تتحرك بما لم يتحوط له أحد وسط مناخ أطبق عليه الظلم والظلام, فإذا هو يكسر الحواجز, ويعبر أرقي التعبير عن إرادته.
> ثالثا: هذا الشعب وجد القوة التي يحسب حسابها, وهي القوات المسلحة تنحاز إليه, مدركة أن الشرعية هي إرادة الشعب الحرة, وأن السلطة الحاكمة لم تعد تعبر عنها, لأن صاحبها الأصلي وهو الشعب سحبها منه, وبما أن القوات المسلحة هي سند الشرعية وأداتها, فإن القوات المسلحة حددت موقفها, متوافقا مع مصدر الشرعية وإرادته.
أي أننا كنا أمام3 قوي بالتحديد هي الأعمدة الرئيسة للثورة:
شعب في حالة ثورة شباب في حالة جسارة ثم قوات مسلحة في حالة اختبار نجحت فيه عندما تبينت موضع الشرعية, واختارت وحسمت.
وبذلك كله وقع النجاح.
لكن كل نجاح في دنيا الناس له منافعه وله أوهامه في نفس الوقت.
والشاهد أن سلامة الأوطان خصوصا أثناء فترات الانتقال لحظات في التاريخ حرجة, لأن الفارق بين النجاح والفشل يكمن في الفرز الدقيق بين الحقائق والأوهام بعد النجاح الأولي ونشوته.
والمشكلة أن نشوة النجاح مثل نشوة النصر مثل أي نشوة تغري بالانسياق مع الأوهام, أكثر مما تدعو إلي النظر في الحقائق.
وهذه ظاهرة واجهت ثورات كثيرة, من أول كبري الثورات في التاريخ الحديث, وهي الثورة الإنجليزية أيام' ويليام الأول' في القرن السادس عشر, والتي قفز فوقها المؤرخون الإنجليز, لكي تظهر إنجلترا وكأن تطورها إلي الديمقراطية كان سلميا لا تشوهه بقعة دم, في حين أن ضحايا تلك الثورة في أيام' ويليام' زادوا علي ربع مليون إنسان بالقتل والسحل وتقطيع الرءوس, وبعدها آثر المؤرخون أن يبدأوا بالثورة الأمريكية.
ومنها إلي الثورة الفرنسية ثم إلي الثورة الشيوعية في روسيا وفي الصين, إلي غيرها من الثورات الكبري.
كل الثورات واجهت هذه المشكلة مشكلة الأوهام, أو نوعا منها.
لكن كل الثورات الكبري تنبهت بسرعة إلي مزالق الأوهام, وحاولت تداركها, ولذلك احتفظت بالقيم الجوهرية للثورة, وحافظت عليها, وهذا ما فعلته الثورة الإنجليزية التي حافظت علي فكرة الملكية الدستورية رمزا مع البرلمان فعلا رغم كل التقلبات حتي في عهد وصاية' كرومويل'.
وهذا أيضا ما فعلته الثورة الأمريكية, خصوصا في رئاسة' يفرسون' الذي لم يتردد في القول بأن مشكلة الديمقراطية أن الدساتير تصوغها أفضل العقول, ولكن تطبقها أسوأ الغرائز, وذلك عندما تصل الديمقراطية إلي المنافسات الانتخابية علي الأصوات وأساليبها, وهذا ما حاول' يفرسون' أن يتلافاه بكم هائل من التوازنات والضوابط في نصوص الدستور الأمريكي عند صيغته النهائية, وهذا ما حدث للثورة الفرنسية بقوانين' نابليون', وإن كان ذلك القائد الأسطوري ابن الثورة قد وقع بعدها في وهم الإمبراطورية لنفسه وأسرته!!
>>>
وانتقل للحديث عن ثورة مصر وأوضح أن نوعا من الخلط جري عندنا في كل المحاولات الثورية, وآخرها هذه الثورة العظيمة يناير.2011
وضاعف من خطورة الوهم في ظروف الثورة المصرية, أن هذه الثورة لم تكن انتقالا من دولة احتلال مثلا إلي سيادة بلد مستقل.
ولم تقع من نظام انحرف بمقاصده وأساليبه إلي نظام آخر أكثر صلاحا.
وإنما جاءت الثورة ضد نظام تنازل عن كونه' نظام حكم' إلي' ميراث عائلة', وهي تحكم مع أقارب وأصدقاء ومنتفعين وصلوا بالدولة إلي مجرد جماعات مصالح تباشر السلطة اعتمادا علي قهر الأمن, مع انهيار كامل في قوائم نظام لم يعد دولة ولا شبه دولة, وإنما أصبح بالتعبير السياسي' أوليجاركي'( مجموعة مصالح تستند إلي أمن حديدي), ولذلك فإن إزاحة قمته تركت بعده أطلالا تتهاوي, وأرضا خلاء, وأكاد أقول خرابا, حتي علي الناحية الاقتصادية التي كان الحكم السابق يدعي أنه أحدث فيه تغييرا ملحوظا, وعندما نصل إلي حديث الاقتصاد بالتفصيل إذا شئتم, فسوف نكتشف أن هذا الذي يسمي فكرا جديدا كان سياسة تشبه ما صنعه رجل مثل' برنارد مادوف' الذي أنشأ في الولايات المتحدة نوعا من بيوت تلقي الأموال تعطي أرباحا سخية, علي طريقة بيوت الأموال الإسلامية المشهورة التي ظهرت في مصر, وبأسلوب أن تأخذ من هنا لتغطي هناك, إلي أن ينكشف المستور بالضرورة وتنفضح الحقائق, ويكتشف الذين صدقوا ما سمعوا أنهم خسروا كل ما عندهم, والحقيقة أن كل ماسمي بالانفتاح جري بتسييل الأصول الوطنية, ومثل خطف التوكيلات التجارية, ومثل نهب أراضي الدولة, ومثل التفريط في القطاع العام بسوء نية وسوء فعل, ثم بالاقتراض والديون حتي أصبح حجم الدين العام في مصر أكبر من حجم الإنتاج السنوي فيها.
وفيما أشتعلت الرغبة في طرح الأسئلة بادر الأستاذ
هيكل بالحديث عن3 أوهام تعيشها مصر فلم نملك إلا الصمت وطرح فكرته بإسهاب قائلا:
ومن واقع المشكلة أن الانتقال لم يكن من دولة إلي دولة, أو من نظام إلي نظام, وإنما كان من شراكة عائلة وجماعات مصالح إلي بنيان دولة, في أجواء ثورة.
فإن ذلك ساعد وإن لم يقصد علي غواية الوهم.
كان أول الوهم: أن الشعب الذي صنع الثورة بملايينه قدر أن الثورة تحققت, وأوان توزيع أرباحها قد وصل وحل, والشعب معذور لأن الحقائق بعيدة عنه, ثم إن أحوال معظم طبقاته دون المستوي بكثير, كما أن صبره طال حتي تقطعت الحبال!!
والوهم الثاني: أن الشباب الذي فجر الزناد الثوري بجسارة واقتدار وقع في تصوره أنه وليس كتل الملايين من صنع الثورة, ومن حقه الآن أن تكون كلمته الأعلي.
وكان يمكن أن يكون شيء من هذا إلي حد ما مفهوما لولا عدة أسباب:
> أولها: أن هذا الشباب لم ينظم نفسه, وإنما دفعه سباق الأوهام إلي التفرق علي أكثر من مائتي جماعة, كل منها تحسب نفسها الأقوي والأكثر فعلا في الميدان.
> والثاني: أن اعتماد جماعات الشباب كان أساسا علي وسائل الاتصال الحديثة, وهذه لها حدود, ذلك أن شبكات' الإنترنت' و'الفيس بوك' والـ' تويتر' تصلح وسائل حركة, لكنها ليست صانعة فكر, والحركة قد تكون لها دوافع وروافع, لكن استيعاب التاريخ قبل الحركة وبعدها مسألة ضرورية, لأن الثقافة التاريخية لازمة للفعل السياسي.
وأكثر من ذلك:
> والثالث: أن الشباب لم يتوقف بشكل كاف للتعرف علي الحقائق الاقتصادية والاجتماعية والفكرية في البلد, وإنما أخذته النشوة إلي حد اعتبار ما يريده قانونا واجب النفاذ, حتي علي واقع الأحوال.
> والرابع: ثم أن الشباب أخذ بمقولات جري صكها في ملابسات سابقة عن دور القوات المسلحة في مجتمعات العالم الثالث بالتحديد طوال القرن العشرين, بداية من أمريكا اللاتينية في أوله وانتهاء بالعالم العربي قرب أواخره, فتصور أن القوات المسلحة مجرد مخزنجي لشرعية السلطة وفي أحسن الأحوال فإن عليه أن يصرف من المخزن بمجرد إذن صرف يكتبه صاحب الحق, وإذا لم يفعل معناها أنه يصادر الشرعية لحسابه أويوشك, وكذلك فقد كثر الكلام عن' حكم العسكر',أو جماعة اللواءات وتعبيرات من هذا النوع ليست دقيقة وليست مفيدة, ثم إنها تنتمي إما إلي عصر الاستعمار, أو إلي عصر الحرب الباردة, وحتي الآن في عصر لاحق لابد من دراسته بجد وعمق!!
ومن المهم هنا أن يتذكر الأطراف جميعا أن القوات المسلحة المصرية هي في هذه اللحظة قوة وحيدة تقف حاجزا بين مصر وبين الفوضي الشاملة, والحفاظ علي الكيان الوطني سابق في جدول الأولويات عما عداه!!
>>>
وثالث الأوهام: يخص المجلس الأعلي للقوات المسلحة, ذلك أن هذا المجلس وقد آلت إليه أمانة الشرعية وقع في تناقض.
فهو يتصور في بعض الأحيان أنه سلطة الدولة, وهذا واقع في جزء منه, لكنها سلطة الانتقال, أي سلطة التمهيد لما هو قادم.
ثم هو يعلن في أحيان أخري أنه لا يستطيع أن يتصرف خارج حدود معينة, لأن مسئولية القرارات الكبري ليست عنده, وإنما في انتظار سلطة مدنية تجيء فيما بعد.
وما بين حيازة سلطة الدولة فعلا, وما بين التردد بمقولة انتظار سلطة مدنية قادمة حدث كثير من التردد والتناقض والتخبط بين القرار والانتظار.
وإلي حد ما كانت للأطراف الثلاثة أعذار.
أولها: أن الأطراف الثلاثة: كتل الجماهير وجموع الشباب المجلس الأعلي للقوات المسلحة فوجئوا بما لم يكن, ولم تكن المفاجأة باندلاع الثورة فقط, ولكن بما بان لهم من الواقع المتردي الذي تكشف معها, وهكذا راح كثيرون يوظفون غير الممكن في طلب غير الموجود, وهو وضع بالغ الحرج!!
وثانيا: أن أحدا من الأطراف الثلاثة لم يكن مهيأ للتعامل مع هذا الواقع, لا بالتصورات ولابالسياسة ولابالتنفيذ.
وثالثا: أن طبائع الأحوال في هذه الظروف صنعت شكوكا بين الأطراف لم يتصد لها أحد بحوار متكافئ عميق ومستنير.
وكذلك وقع التباعد, والتناقض بين الأطراف الثلاثة!!
وبعد لحظات من الصمت استطرد:
ومع الشكوك بدأ نوع من الإحباط يزحف علي الساحة السياسية المصرية لتباين الطرق:
1- الشعب يشعر أن مطالبه لا تلقي العناية الكافية, والملايين التي خرجت وصنعت الثورة فعلا ثم عادت إلي حياتها الطبيعية بدأت تري أن العمل السياسي الذي يجري في العاصمة سباق قوة مشغول بما هو فيه, دون التفات إلي موجبات دخول الجماهير الواسعة إلي الساحة, بما أدي إلي سقوط السلطة القديمة وقيام سلطة جديدة, وفي غياب الحقائق لا يتحدث بها أحد إلا بالتهويل فيها أو بالتقليل منها, وفي الحالتين لقصد أو لغرض فإن هذه الجماهير أصابها نوع من ضيق الصدر ونفاد الصبر وبان قلقها.
2- ثم إن الشباب حتي وهو يقع في شراك التشرذم في صفوفه وبين فرقه راح يتصور أن هناك إنكارا لدوره, وتجاهلا لقوته وهو صانع الثورة, ناسيا حقيقة مهمة وهي أنه ليس هناك عنوان له يستطيع من يريد مخاطبته أن يدق علي بابه ويتشاور معه.
وقد كانت هناك في البداية ظاهرة استجابة سريعة لكل مطلب من مطالب الشباب, لكن الاستجابة خفتت عندما زادت المطالب, وتوزعت جهات المطالبة علي مواقع كثيرة ومتفرقة, وأحيانا متباعدة ومتباغضة.
3- وكانت مشكلة الطرف الثالث وهو المجلس الأعلي للقوات المسلحة أصعب, فقد راوده الشعور بأنه يواجه حالة إنكار للجميل, لأنه لولا حمايته للثورة لما استطاعت حماية نفسها, وكانت في هذا التصور مبالغة!!
صحيح أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة وفر الحماية للشباب وللجماهير, لكن المجلس الأعلي للقوات المسلحة يذكر علي لسان كل عضو فيه كما هو منشور وذائع أنه كان يعارض التوريث, وأنه أعد العدة لمواجهته ومنعه, عندما تجيء لحظته, واتخذ قراره بأن يتحرك ضده.
ولو أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة تحرك وحده ضد السلطة القائمة وقتها, لكانت حركته نوعا من الانقلاب العسكري- أو كذلك يمكن أن يقال.
لكن خروج جموع الشباب وحولها في كل أرجاء مصر كتل الجماهير, وفر للمجلس الأعلي غطاء مشروعا يسمح له أن يحقق فعله بالاعتراض علي التوريث, دون أن يكون ذلك بانقلاب, وإنما ضمن ثورة شعب!!
وإذن فإنه إذا كانت القوات قد أعطت لحركة الشباب والجماهير أمانا, فإن حركة هذا الشباب وكتل الجماهير وفرت للمجلس الأعلي مشروعية قانونية.
ثم تزيد هنا إضافة مؤداها أن العلاقات توترت بين الشباب وبين المجلس أكثر حين جرت إحالات إلي القضاء العسكري دون مبرر, أو علي الأقل دون مبرر يمكن تقديره وقبوله.
وإحالة مدني إلي القضاء العسكري في حد ذاتها, وبصرف النظر عما يجيء بعدها قرار سياسي, لأنه ينطوي علي اعتبار أن المخالفة موضوع القضية جري نقلها من حيز الإساءة المجتمعية إلي حيز الإضرار بالأمن القومي.
وهذا في حد ذاته قرار سياسي في وقت جري فيه استبعاد منطق الحساب السياسي من الأساس, حتي في شأن جرائم كبري أثرت فعلا في الأمن القومي, وأنا أتفهم الرغبة في الحسم السريع, لكن مثل ذلك كان لابد له من حل آخر غير الإحالة للقضاء العسكري, إلا إذا ثبت أن هناك ضررا فعليا بالأمن القومي يمكن شرح وقائعه وتوثيقها.
علي أنه وبسبب عدم الاعتراف فإن الاعتماد كان متبادلا, والفضل في قيام الثورة ونجاحها وحمايتها مشاع بين الجميع.
فإن المجلس الأعلي للقوات المسلحة كان معاتبا حيث لا داعي للعتاب, متضايقا حيث لا موجب للضيق. والحقيقة أن هذا المجلس كان يواجه في ناحية أخري ما لا يشعر به غيره, لأنه في وضع يسمح له بالمعرفة الأدق, وكذلك فإن هذا المجلس كان الطرف الوحيد من الأطراف الثلاثة الذي يواجه الحقائق عارية كما هي علي الطبيعة:
> يواجه موقفا اقتصاديا واجتماعيا في منتهي الصعوبة, ولا يري الموارد التي تسد الاحتياجات العاجل منها والآجل.
> يري الانفلات الأمني وهو طبيعي في حالات التغييرات الكبري, وتهاوي سلطة وظهور سلطة أخري, ولا يجد لديه أهلية التدخل فيها, بمنطق أن سلاح القوات' سلاح قتال', وليس' سلاح أمن', وإذا تدخل بسلاح القتال فهو' قتل', وذلك ما تتحاشاه القوات, وسوف تتحاشاه مهما تكن الظروف, فواجب القوات المسلحة حماية الناس وليس قتلهم, وفي دول العالم كلها فإن الأمن عند الشرطة ووسائلها, وليست عند الجيش وعتاده!!
> ومن ناحية أخري فإن الشرطة ومن وقت مبكر أقحمت ربما بقصد في علاقة عداء مع الناس, وقد استحكمت العقد بين الطرفين, وكان لابد لها من نهاية, إنصافا لفكرة الشرطة وضروراتها وحقوقها, بصرف النظر عما أقحمت فيه ومصائبه.
لكن ذلك تأخر في حركة صراع القوي, خصوصا مع وجود قضية هي في الواقع أخطر قضايا هذه اللحظة وأصعبها, تلك هي أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة حدد فترة الانتقال بعدة شهور: ستة شهور زادت إلي ثمانية, في بلد جف فيه بحر السياسة, وماتت الحيوية السياسية فيه, ثم حدث الفوران فجأة, واندفع الطوفان يريد أن يلحق الأجل ويسبقه إن استطاع, وفوق وجه الموج المتدافع عوالق كثيرة ورواسب مما كان قائما علي القاع خفيا أو كارثيا.
وحدث ـ وهو ما يحدث عادة في مثل هذه الظروف- أن عناصر كثيرة متفرقة ومتباعدة ومختلفة ومعظمها طاف علي السطح بلا جذور في العمق, هرولت تتسابق بأقصي سرعة لتلحق بأجل محدد وقريب, ولم تتردد في استعمال كل الوسائل لكي تسبق غيرها إليه, وكذلك دخل التخويف سلاحا, والإرهاب سلاحا, والتخوين سلاحا, والشتم سلاحا, بل ولسوء الحظ فإن الدين دفع به إلي الساحة ضمن الأسلحة, ولولا لمحة من العقل تجلت في وثيقة الأزهر الشريف لوقعت إساءة إلي الجلال الذي يجب أن يحيط بقدسية الدين ورسالته الهادية والتنويرية.
> بالإضافة إلي ذلك كله فقد كان المجلس الأعلي للقوات المسلحة هو الأقرب إلي مواجهة أوضاع إقليمية في منتهي الصعوبة والتعقيد, وإلي أوضاع دولية في منتهي الخطورة والتهديد.
(وهذه صورة نعود إليها فيما بعد بالتفصيل).
وكانت المشكلة أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة وجد نفسه أمام تحد لم يستعد له أو يخطط, والجيوش عادة مؤسسات نظامية ترتب نفسها علي احتمالات معروفة لديها سلفا, وتضع في خزائنها السرية خططا جاهزة لمصادر التهديد التي تتحسب لها, لكنها لا يمكن أن تكون مطالبة بالتحسب والتخطيط لمجهول لم يكن في حسابها ولا حساب غيرها.
وهنا فإن بعض الظواهر تحكمت واستحكمت:
1- إن المجلس الأعلي- كما يبدو لمراقب مثلي من بعيد- لا يريد أن يبت في مشكلة حقيقية, وإنما يعتمد سياسة تأجيل المشكلات أو ترحيلها, بمقولة انتظار من يملك شرعيا ودستوريا مسئولية القرار فيها عندما يجيء وقته.
2- إنه لا يكف فيما يقول به عن تعجل الأيام لتسليم السلطة, لأنه لا يريد للقوات أن تتصل بالحياة المدنية وليونتها وتفقد قدرتها علي خشونة شن الحرب.
3- إنه ينتظر من المدنيين إذن أن يتحملوا مسئوليات كثيرة في التعامل مع الظروف ومستجداتها وطوارئها.
والمأزق أنه يريد من المدنيين أن يتحملوا بذلك, دون سند وكذلك دون غطاء, فالمجلس يقول ويعلن كل يوم أنه سوف ينسحب في الأجل المحدد, لكن المدنيين المطالبين بتحمل المسئولية عليهم أن يفعلوا ما هو مطلوب وبعضه خطر, ثم أن يتحملوا وحدهم عواقب الخطر بلا غطاء ولا حماية ولا ضمان من مبدأ دستوري أو قانوني ملزم ومحترم, أو من قوة ضامنة وحامية, والمفارقة أن زمن' مبارك' كان يعطي الضمان والحماية للفساد, والآن ليس هناك ضمان أو حماية للإصلاح!!

ثم هنا قضية أخري من أخطر قضايا اللحظة, مؤداها أن كثيرين من المؤهلين علي أعلي مستوي, والقادرين بالتجربة والكفاءة اعتذروا حين عرضت عليهم الخدمة العامة في هذه الظروف, لأن المطلوب منهم كما قلت خطير, لكن عليهم أن يقوموا به دون سند أو غطاء أو حماية, وإذا كان المجلس الأعلي للقوات المسلحة نفسه سوف ينسحب بعد شهور, فكيف يمكن لمدني أن يؤدي دورا بالجسارة المطلوبة- إذا كان بعد شهور قليلة سوف يواجه سلطة لا يعرفها من قوي معظمها بلا جذور, وفي ظروف عاصفة لا أحد يعرف مصادر رياحها, ولا سرعة حركتها, ولا طبيعة المسئولين عنها!!!

تتصل بذلك نقطة مهمة وهي أن الظروف التي مرت بها مصر في السنوات الثلاثين الأخيرة علي وجه الخصوص, لم تؤد إلي جفاف بحر السياسة فحسب, وإنما أدت إلي ضحالة شديدة في كل شيء, بما في ذلك كفاءة الإدارة التنفيذية.
وفي العادة فإن بعض البلدان في مواجهة فترات التحول تستعين بخبرة أجنبية.
كذلك فعل' محمد علي' في مشروع القناطر الخيرية مثلا- وكذلك فعل' جمال عبد الناصر' في مشروع السد العالي في مثال آخر.
والخبرة الأجنبية في هذه الظروف الدولية قد تكون موضع شك أو شكوك, لكن السؤال هل كان ممكنا تعويضها بمصريين من الخارج؟!
وفي تجربتي شخصيا فقد حضرت ذات يوم مؤتمرا للخريجين العرب من الجامعات الأمريكية عقد في' شيكاجو', وهناك عرفت أن في الولايات المتحدة وحدها قرابة ربع مليون رجل وامرأة يحملون شهادتي الدكتوراه والماستير, وقد بقوا هناك ولم يعودوا بسبب ظروف طاردة أحسوا بها في الوطن المصري, لكنهم هناك موجودون في أرقي الجامعات, وبعضهم في أرقي المناصب, ولديهم أعلي مستوي من الخبرة, وبعضهم علي استعداد لأن يخدم وطنه الأم, لكن بعض الناس في الوطن لا يريدون, بدعوي ازدواجية الجنسية, أو بدعوي الزواج من أجنبية, وهذه بالضبط حالة رجل مثل' أحمد زويل' وغيره آلاف وعشرات ألوف علي بقاع الدنيا, وذلك مدد إنساني وذخيرة بغير حدود, لأن معظم هؤلاء يتمنون لو استطاعوا أن يردوا الجميل للوطن الأم!!
والملخص أننا في حاجة إلي خبرة من الخارج, تعوض تآكلا في الداخل أصبح مخيفا!!
لكننا لا نستطيع استخدام خبراء أجانب.
ثم إننا لا نريد مصريين من الخارج.
ثم إن الأكفاء داخل مصر عرايا من غطاء مدني أو سياسي يسند ويحمي.
وتلك معادلة غريبة, مؤداها أن تظل أحوال الفراغ تدور حول نفسها حتي تصاب بالدوار وتقع علي الأرض!!
وتلك كلها وغيرها مسائل لا يريد المجلس الأعلي للقوات المسلحة أن يبت فيها أثناء فترة الانتقال, بفهم أن فترة الانتقال عابرة, في حين أن فترة الانتقال في أي مفهوم طبيعي- هي فترة تؤسس لما بعدها, وتمهد طرق التحول, وهو بداية طريق جديد.
كل ذلك شكل أزمة, لكن الأزمة زادت عليها مضاعفات أشد خطورة, فقد كانت الأزمة ثلاثية الأطراف, فإذا هي تصبح مضاعفة عدة مرات, لأن أطرافا إضافية دخلت إلي الساحة وزادت من أثقال حمولاتها.

ويستكمل الأستاذ صورة اللحظة الراهنة قائلا:

كانت هناك ثلاثة أطراف تتحرك في الحالة الثورية المصرية وتعقيداتها, وزاد عليها بعد الثورة أطراف مستجدة, وكان الأمل أن تكون زيادة عدد الأطراف بالإيجاب, لكنها لسوء الحظ أضافت إلي العقد أكثر مما ساعدت علي حلها.
أولي الزيادات التي جاءت إلي الموقف المعقد وزادته تعقيدا كانت أوضاع السلطة التنفيذية.
كانت الظروف والضرورات تستدعي أقوي الوزارات في تاريخ مصر لمواجهة واحدة من أصعب مراحل تطورها, لكن الوزارات التي جاءت أقل من المطلوب, دون إغفال لقدر أحد من المشاركين فيها.
الأولي: كانت وزارة' أحمد شفيق', والرجل صاحب همة أقدرها له بصرف النظر عن اختلاف المواقف, لكن الرجل جاء متأخرا فلم يعط ما عنده, ثم إنه بدأ حين جاء بصرف وقته في أحاديث ولقاءات صحفية مستفيضة, وفي مقابلات ومداخلات تليفزيونية بالساعات, وقد كنت أتساءل مرات متي يكون لديه وقت للعمل, والغريب أنه بقدر ما اعتمد علي التليفزيون ليؤثر به, كان التليفزيون هو الموضع الذي تعثر فيه وسقطت عليه وزارته, ثم إن الرجل كذلك لم يكن موفقا في خياراته لمعاونيه, وربما لم يكن له دخل في اختيارهم, وربما, وربما, لكن العهد لم يطل به, والرجل ـ برغم كل ما يشاع عنه صاحب تجربة عسكرية ومدنية لها قيمتها, ثم إنه ليس صنيعة' مبارك' كما يتصور كثيرون.
ولعل تاريخه السياسي كان يختلف لو أن الفرصة التي واتته لرئاسة الوزارة وصلت إليه في ظرف مختلف, وفي كل الأحوال فإن الرجل لم يبق في الرئاسة غير أسابيع, ثم نزل الستار فجأة, وانطفأت أضواء التليفزيون, واختفت وزارة' شفيق'!!
وجاء الدور علي وزارة الدكتور' عصام شرف', وقيل للناس وفي بعض القول مسحة صدق إنه جاء من الميدان, أي ميدان التحرير, ومع أنه ليس من شأن الميدان أن يختار رؤساء الوزارات, فقد أشيع أن جماعات من الشباب رشحته للمجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي علم واستجاب.
وأنا شخصيا لا أعرف الدكتور' عصام شرف', وإن سمعت الكثير عن دماثة خلقه, لكني في نفس الوقت أستطيع من بعيد قياس أداء وزارته, ورغم وجود عدد من الشخصيات لها قدرها في نظري ضمن فريق فإن الأداء في مجمله غير مقنع, خصوصا في مثل هذه الظروف.
وفي كل الأحوال فإن السلطة التنفيذية التي كان عليها أن تعوض أوجها للقصور في الصورة العامة أصبحت هي نفسها جزءا من المشكلة, بدلا من أن تكون جزءا من الحل.
ولست أريد أن أظلم الدكتور' شرف' بغير داع, فأنا لا أعرف ما هي علاقته مع المجلس الأعلي للقوات المسلحة, ولا درجة الانسجام بين وزرائه, ولا سلطة مجلسه في رسم سياسات المرحلة, وما يبدو لي من بعيد أنها هي الأخري تحت وهم أن مرحلة الانتقال مساحة فراغ بين ضفتين, وذلك خلاف لمنطق الانتقال حين يكون المطلوب هو بناء جسور للتحول.
ولكي تزداد الصورة اتساعا وعمقا فتح الأستاذ ملف الاعلام وقال:
وأصل إلي زيادة أخري نفذت الي صميم الأزمة, وأقصد هنا الإعلام, وأريد أن أقول بوضوح إنني لم أعرف لنفسي طوال حياتي وعلي امتداد عملي- مهنة أخري غير الصحافة, ولم أرض بديلا عنها, حتي لو كان أكبر المناصب في الدولة, وإذن فإنني منحاز للمهنة ولحريتها بغير حدود- لكن أمانة المهنة حتي قبل أمانة الحقيقة تفرض علي أن أقول أن الإعلام المصري ليس موجودا حيث يتمني له أصدقاؤه وأحبابه, والدليل دون مكابرة أن قوة التأثير فارقته, وتوجهت إلي غيره, وقد ساعد عصر' مبارك' علي ذلك الفراق رغم وجود مساحة من الحرية ـ لابد من الاعتراف بها ـ صنعت نجوما يستحقون إعجاب قرائهم ومشاهديهم.
لكن هناك مشكلة غائرة لا يريد أحد أن يتحدث فيها, وهي ملكية وسائل الإعلام.
ما يسمي بالإعلام القومي مرئيا ومسموعا ومقروءا واقع في أزمة, لأنه لا يعرف لنفسه صاحبا, وعندما تقدم إليه من ادعي بالملكية- مثل مجلس الشوري مثلا في وقت من الأوقات- فإن الاقتراب من الإعلام جاء فجا, وأحيانا بذيئا!!
ومن ناحية أخري فإن الإعلام الخاص- مع درجة من الفوران لا يصح إنكارها- مملوك بالكامل- تقريبا- لرءوس أموال لها مصالحها, وأستحيي أن أذكر الأسماء, فقد يكون في ذكرها شيء من الاستعداء أو الإساءة, لكن علينا أن نتذكر مقولة شهيرة ملخصها:' قل ما هي مصالح أي رجل, وأنا أقل لك ما هي أفكاره!!'.
أي أنهم جميعا أصحاب مصالح يريدون حولها سورا واقيا من النفوذ والتأثير.
ويشير بعضهم في صدد مناقشة هذا الموضوع إلي' روبرت ميردوخ' صاحب شبكة' سكاي', وصاحب أكبر الجرائد في أمريكا وأوروبا, لكن علينا أن نتذكر هنا مسألتين:
الأولي: أن' ميردوخ' لا يستثمر أمواله في غير الإعلام بأنواعه, من الحرف إلي الصورة, ومن الصحيفة إلي الشبكة, وإذن فقصاري مصالحه هو الترويج, ومع ذلك فقد دفع به طلب الترويج إلي حافة الجريمة بجرائد يملكها وتحقق سبقها بالتنصت علي شبكات التليفون المحمول لنجوم السياسة والمجتمع والرياضة, وهو داخل اليوم للمساءلة القانونية لهذا السبب, كما دخل من قبله أحد كبار ملاك الصحف وهو اللورد كونراد بلاك- أحد أصحاب مجموعة التلجراف.
وفي المقابل فإن الإعلام المصري الخاص بغالبيته الساحقة مملوك لاستثمارات تعتبره وسيلة لمصالح أخري, وبصراحة فإن' ميردوخ' ليس داخلا لا في أراض, ولا في صناعة, ولا في مقاولات, ولا في الصادر والوارد, وإنما استثماره في رواج وسائله الإعلامية.
الثانية أنه مع أن' ميردوخ' متورط إلي أبعد مدي في التأثير علي القرار السياسي خصوصا في الولايات المتحدة وفي بريطانيا بهدف النفوذ السياسي, فإن رجال الأعمال في مصر ممن يهتمون بالإعلام يفعلون ذلك لتعظيم مكاسبهم وأرباحهم في تجاراتهم وصناعاتهم الخاصة, وكذلك طلبا لنفوذ يحمي المصالح وأصحابها.
وذلك أمر يحتاج إلي مراجعة, لأن الإعلام الخاص- كما الإعلام العام- دخل طرفا في تعقيدات الأزمة ومستجداتها, وأضيفت إلي الخلط المتراكم شحنة أخري, واصلة للناس بحمولاتها كل صباح, مؤثرة عليهم بذات الهم كل مساء, والهم آخره كابوس مخيف حتي وإن بدا في أوله حلما جميلا!!
ولست أريد قيدا علي الإعلام الخاص, ولكني أتمني أولا شفافية معلنة في الملكية, ومسافة واضحة بين الملكية والتحرير- مسافة محققة وقانونية وعاقلة, وهذه مشكلة واجهتها الصحافة البريطانية وغيرها, في الفصل بين الملكية والتحرير, وبين مصالح المال وقرار السياسة!!
وربما أن التجربة الإنجليزية تستحق الدرس!!
وأتذكر أنني حضرت اجتماعا أول الستينيات في مقر جريدة التايمز, وفي مكتب دنيس هاميلتون رئيس التحرير في ذلك الوقت. وكان بين حضوره هارولد ماكميلان رئيس وزراء بريطانيا وقتها واللورد روي تومسون الذي كان يتفاوض لشراء صحف التايمز والصنداي تايمز. وأتذكر أن رئيس الوزراء البريطاني وهو هارولد ماكميلان راح امامنا يقول لتومسون: أن الرأي العام البريطاني لن يقبل أن تكون جرائده مجرد ملكية رأسمال وإنما سوف يسألنا الناخبون عن القيم والقواعد التي تتصل بالتأثير علي الرأي العام ودقة معلوماته. ونظر ماكميلان الي اللورد تومسون وهو يخاطبه باسمه الأول: روي.. الصحافة ليست سوقا. ثم كرر القول بقصد التأكيد مرتين.
ولاأريد أن أتزيد ولكن قد أتجاوز وأقول إن هناك نشاطا واسعا بشأن ملكية وشراكة وسائل الإعلام المصرية يجري الآن في لندن, بل وهناك اشارات من أصحاب الصحف من داخل طرة.. هل أضيف أيضا أن3 رجال وليس أكثر يتحكمون الان في الاعتمادات التي تخصص للاعلان في مصر وحجمها يقارب المليار جنيه.
وهذه الاعتمادات الاعلانية وفي غيبة مقاييس علمية لتخصيص الاعلانات تستطيع انجاح صحف وفضائيات وتستطيع اعدام صحف أخري وفضائيات, وهذه قضية تحتاج إلي حسن تقدير قبل أن تحتاج الي تسرع في الاجراءات وحملات كراهية ضد المسئولين عنها بلا لزوم.

ويبقي الجانب القانوني بشقه السياسي الذي لم ينسه الأستاذ وقال:

هناك عنصر آخر شديد الحساسية وهو يتمثل في الإسراع إلي تصدير دور القانون, حيث كان الواجب أن يتصدر, لأن السياسة حاولت أن تتجنب الحرج.
والذي حدث أنه حين وقعت الثورة كان قانون التاريخ قبل أي قانون يفرض حسابا وجزاء, لأن ما تعرض له هذا البلد من أهوال كان من صنع السياسة, وكذلك كان الحساب والجزاء المطلوب قبل غيره هو الحساب السياسي. وكان مطلوبا من السياسة أن تدقق في جوانب ما جري في الداخل وفي الإقليم والخارج. وكلها مجالات مرشوقة بجرائم كبري, وكان يجب بعد التدقيق أن يحدث فرز يحيل ما هو سياسي إلي هيئة قادرة ومخولة لمناقشته وطرحه علي الناس, وتبيان أوجه الخلل فيه, والحساب عنه كجرائم سياسية, بما في ذلك جريمة تطويع القوانين والتلاعب بها, وتفصيلها لحساب غرض وهوي.
وفي الوقت نفسه فإن ذلك لا يمس ولا يصح أن يمس كل الوقائع المحققة جنائيا, أي التصرفات التي تورطت في الفساد واستباحت حرمة المال العام, وتعودت استغلال النفوذ, ونهب الموارد, وانتهاك حقوق الإنسان وغير ذلك من الآثام والخطايا.
كل تلك جرائم جنائية يتصرف حيالها القانون, وبالإجراءات العادية والطبيعية.
بمعني أن العدوان علي قيم النظام الجمهوري أكبر من أن تكون المحاسبة عليه بدعوي ملكية بيت هنا أو بيت هناك.
ما يمس النظام الجمهوري في حيز السياسة, والفساد وإلافساد حتي إن تغطي بنص في حيز النيابة وتحقيقاتها وسلطاتها.
لكن المجلس الأعلي فيما يبدو أراد إعفاء نفسه من مشكلة الحساب والجزاء, وكذلك جري ترك كل شيء إلي النيابة العامة, وإلي جهاز الكسب غير المشروع, ووجد النائب العام وزميله في جهاز الكسب غير المشروع أنفسهم أمام طوفان من البلاغات, بعضها جدي وبعضها كيدي, وهو أمر طبيعي في مثل تلك الأحوال.
ثم إن بعضها سياسي ليس في اختصاص من أحيلت إليه, كما أن كثيرا منهم ارتكب جرمه الفادح في حماية نص قانوني مصنوع لهذا الغرض.
وإذا كان قرار السياسة قد أراد إعفاء نفسه من الحسم, في هذه المسألة الكبري فإن النيابة العامة وغيرها من أجهزة التحقيق القانوني لم تجد بدا من حماية نفسها بالنظر في كل شيء خصوصا وهي تريد أن تنفي عن أجهزتها شبهة ممالأة النظام السابق وتضمن توسيع وتسرع الإجراءات لتجنب الوقوع في الخطأ مع لحظة بدا فيها وكأن ما يجري مطاردة للساحرات كما يقولون في تاريخ أوروبا قبل النهضة, عملية witchhunt, وكانت هذه العملية فادحة التكاليف علي مؤسسات كبيرة وعلي اعصاب رجال ونساء وعلي سمعتهم, وربما أنها كانت من الأسباب الرئيسة في تعطل صدور قرارات كثيرة في مجالات بعيدة, سواء في مجالات الأمن أو الاقتصاد, لأن كثيرين لم يرضوا لأنفسهم أن يعيشوا تحت سيف بلاغ يتصرف فيه من يتلقاه بالإجراءات أولا, ثم يجري تعليق مصيره حتي يجيء دور التحقيق في شأن ما وجه إليه.

ثم زادت حمولة أخري.

في هذه الأجواء وما حولها فإن عناصر كثيرة وجدتها فرصة لتستولي علي الشارع, جماعات ذات أهداف سياسية متباينة, وأيضا ذات مقاصد ونوايا مختلفة, لكن الأخطر أن هذا الزحام أوجد مسرحا لانفلات أمني كما يقولون وحتي لجرائم من النوع العادي, وفيه قطع الطرق, والسطو المسلح, والابتزاز, واستبيح الشارع لأغراض متصارعة, وهذا كله طبيعي عرفته الثورات, بل إن هذا الانفلات كان هو سبب ظاهرة' نابليون' التي جاءت لوضع حد للفوضي, وكانت نتيجة تدخل' نابليون' هي الاستيلاء علي الجمعية الوطنية الفرنسية ذاتها, لأن هذا المحفل العريق سيطرت عليه في النهاية مجموعات متشددة- إرهابية- دموية- انتهازية, وأصبحت قاعة الجمعية الوطنية ذاتها مسرحا ضاع فيه الصالح مع الطالح, وذاب فيه الثوري مع الدموي, وتصدر فيه الفاسد وهو ضد الثورة عمليا, لكنه بالصوت العالي أخذ منبر الجمعية الوطنية واحتكره, وأبعد عنه كل صوت للحق والمبدأ.
ولقد شاهدت بعيني سواء علي الطبيعة أو في الصور مشاهد لا تصدق مما يجري في الشارع المصري, وكان شعوري أن القائمين بها لا ينتمون إلي الثورة, وأخف الضرر فيما يفعلون أنهم يعطون الذريعة والمبرر لكل المطالبين بالقمع والقهر, بمقولة الاستقرار والأمن.
وفي هذه الأجواء لم تكن مصر داخل أنبوبة معقمة, كان العالم حولها مليئا بالقوي, التي وجدت في حالة السيولة والفوضي- فرصة تمد إليها أصابعها, تحاول أن تأخذ, أو تحاول أن تبث, أو تحاول أن تطوع.
بعض التدخل الخارجي جاء من قوي كبري وجدت في الربيع العربي الذي فاجأها في' تونس' و'مصر' فرصة نادرة للاستغلال, وكذلك فعلت أمريكا وفرنسا وإنجلترا, وكلها رفعت ألوية حق يراد به باطل, ثم جاء هذا التدخل أيضا من الإقليم, فقد كان في الجوار المباشر وغير المباشر من المتدخلين كثيرون, وأعرف لسوء الحظ أن ملايين من الدولارات وصلت إلي من لا أعرف, وملايين أخري أشك أنه وقع' دسها في جيوب ناقليها' قبل أن تصل إلي عناوينها, وذلك فصل من أغرب الفصول في قصة الربيع العربي.
وان كان لايصح معها القاء التهم جزافا, وعلي أي حال فقد عرف التاريخ الانساني من قبل تجارة في دم الناس وفي بيع وتهريب السلاح وتجارات في فضائل العفة والاخلاق باغراءات الجنس, كذلك عرف التاريخ تجارة في عواطف وآمال وطموحات الشعوب والأمم.
اننا استعرضنا معا صورة لملامح المشهد العام ودعونا نتذكر مرة أخري ونحن نناقش مناخ الربيع المصري والربيع العربي أنه حتي وإن بدا لنا أن مانراه الآن ليس ربيعا بالضبط فلنذكر أن الخماسين- عواصفها ورمالها وترابها وعتمة الليل عند الظهر أثناءها- هي ظاهرة موعدها الربيع ولذلك فلنقل انه الربيع لايزال.. لكنها هذه اللحظة موجة خماسين.
والآن ما العمل؟! وهنا أترك لكم الحوار تديرونه كما ترون.


****************************************

الثلاثاء المقبل الجزء الثاني من الحوار